فهرس الكتاب

إذا بايعت فقل : لا خلابة ، ولِيَ الخيار ثلاثة أيام

- الحديث الأول : روي أن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري كان يغبن في البياعات ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : إذا بايعت فقل : لا خلابة ، ولِيَ الخيار ثلاثة أيام .

قلت : رواه الحاكم في المستدرك من حديث محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر ، قال : كان حبان بن منقذ رجلًا ضعيفًا ، وكان قد سفع في رأسه مأمومة ، فجعل له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الخيار ثلاثة أيام فيما اشتراه ، وكان قد ثقل لسانه ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : بع ، وقل : لا خلابة ، فكنت أسمعه يقول : لا خلابة ، لا خلابة ، وكان يشتري الشيء ، ويجيء به إلى أهله فيقولون له : إن هذا غال ، فيقول : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد خيرني في بيعي ، انتهى . وسكت عنه ، وكذلك رواه الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق به ، ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ، ثم قال : قال الشافعي : والأصل في البيع بالخيار أن يكون فاسدًا ، ولكن لما شرط رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في المصراة خيار ثلاث في البيع ، وروي عنه أنه جعل لحبان بن منقذ خيار ثلاث فيما ابتاع ، انتهينا إلى ما قال صلى اللّه عليه وسلم .

وأخرجه البيهقي في سننه عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر ، قال : سمعت رجلًا من الأنصار يشكو إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه لا يزال يغبن في البيوع ، فقال عليه السلام : إذا بايعت فقل : لا خلابة ، ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال ، فإن رضيت فأمسك ، وإن سخطت فاردد ، وقال ابن إسحاق : فحدثت به محمد بن يحيى بن حبان ، قال : كان جدي منقذ بن عمرو قد أصيب في رأسه ، فكان يغبن في البيع ، ثم ذكر نحوه .

وأخرج ابن ماجه في سننه رواية محمد بن يحيى بانفرادها في باب الحجر من أبواب الأحكام عن ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان ، قال هو جدي منقذ بن عمرو ، وكان رجلًا قد أصابته آمة في رأسه ، فكسرت لسانه ، وكان لا يدع على ذلك التجارة ، فكان لا يزال يغبن ، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فقال : إذا أنت بايعت ، فقل : لا خلابة ، ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال ، فإن رضيت فأمسك ، وإن سخطت فارددها على صاحبها ، انتهى .

وهي مرسلة ، وجهل من عزاها لأبي داود ، وأبو داود لم يذكره في سننه ولا في مراسيله ولم يعزه شيخنا أبو الحجاج المزي في أطرافه إلا لابن ماجه ، واللّه أعلم .

ورواه الدارقطني في سننه كذلك ، وزاد قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن يحيى بن حبان ، قال : ما علمت ابن الزبير جعل العهدة ثلاثًا إلا لذلك ، انتهى .

ورواه البخاري في تاريخه الوسط فقال : حدثنا عياش بن الوليد ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن ابن إسحاق حدثني محمد بن يحيى بن حبان قال : كان جدي منقذ بن عمرو أصابته آمة في رأسه ، فكسرت لسانه ، ونازعت عقله ، وكان لا يدع التجارة ، فلا يزال يغبن # ، فذكر ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : إذا بعت فقل : لا خلابة ، وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال ، وعاش مائة وثلاثين سنة ، فكان في زمن عثمان يبتاع في السوق ، فيصير إلى أهله فيلومونه ، فيرده ، ويقول : إن النبي صلى اللّه عليه وسلم جعلني بالخيار ثلاثًا ، فيمر الرجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيقول : صدق ، انتهى . ذكره في ترجمة منقذ ، وذكره في تاريخه الكبير ، فلم يصل سنده به ، فقال : قال عياش بن الوليد : ثنا عبد الأعلى به ، سواء ، وذهل ابن # القطان في كتابه فأنكر على عبد الحق حين عزاه إلى تاريخ البخاري ، وقال : إن البخاري لم يصل سنده به ، ثم أنكر عليه كونه لم يعله بابن إسحاق ، وكأن ابن القطان لم يقف على تاريخ البخاري الوسط ، وابن إسحاق الأكثر على توثيقه ، وممن وثقه البخاري ، واللّه أعلم .

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه - في باب الرد على أبي حنيفة حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لمنقذ بن عمرو : قل : لا خلابة ، إذا بعت بيعًا ، فأنت بالخيار ثلاثًا ، انتهى .

طريق أخرى للحديث مسندة : قال الطبراني في معجمه الوسط : حدثنا أحمد بن رشدين ثنا يحيى بن بكير ثنا ابن لهيعة حدثني حبان بن واسع عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة أنه كلم عمر بن الخطاب في البيوع ، فقال عمر : ما أجد لكم أوسع مما جعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لحبان بن منقذ أنه كان ضرير البصر . فجعل له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عهدة ثلاثة أيام فيما اشترى ، فإن رضي أخذ ، وإن سخط ترك ، انتهى . وقال : لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به ابن لهيعة ، انتهى .

وأخرجه الدارقطني في سننه كذلك عن ابن لهيعة به ، وتلحق هذه الرواية بالأولى .

واعلم أن الحديث في السنن الأربعة من رواية أنس ، ليس فيه ذكر الخيار ، أخرجوه عن سعيد عن قتادة عن أنس أن رجلًا كان في عقدته ضعف ، وكان يبايع ، وأن أهله أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول اللّه احجر عليه ، فدعاه النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فنهاه عن البيع ، فقال : يا رسول اللّه لا أصبر عن البيع ، فقال : إذا بايعت ، فقل : لا خلابة ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، انتهى .

- أحاديث الباب : روى عبد الرزاق في مصنفه من حديث أبان بن أبي عياش عن أنس أن رجلاَ اشترى من رجل بعيرًا ، واشترط عليه الخيار أربعة أيام ، فأبطل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم البيع ، وقال : الخيار ثلاثة أيام ، انتهى . وذكره # عبد الحق في أحكامه من جهة عبد الرزاق ، وأعله بأبان بن أبي عياش ، وقال : إنه لا يحتج بحديثه ، مع أنه كان رجلًا صالحًا ، انتهى .

- حديث آخر : أخرجه الدارقطني في سننه عن أحمد بن عبد اللّه بن ميسرة ثنا أبو علقمة الفروي ثنا نافع عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : الخيار ثلاثة أيام ، انتهى . وأحمد بن عبد اللّه بن ميسرة إن كان هو الحراني الغنوي ، فهو متروك ، واللّه أعلم . واستدل ابن الجوزي في التحقيق لأصحابنا في اشتراط الثلاث بحديث ابن عمر هذا ، ثم بحديث حبان المتقدم ، وأجاب عن حديث ابن عمر بأن فيه أحمد بن عبد اللّه بن ميسرة ، وقد ضعفه الدارقطني ، وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به ، وعن حديث حبان بأنه خاص به ، قال : ثم التقدير بالثلاث خرج مخرج الغالب ، لأن النظر يحصل فيها غالبًا ، وهذا لا يمنع من الزيادة عند الحاجة ، كما قدرت حجارة الاستنجاء بالثلاث ، ثم تجب الزيادة عند الحاجة ، انتهى .

- قوله : روي عن ابن عمر أنه أجاز الخيار إلى شهرين ، قلت : غريب جدًا .

باب خيار الرؤية .

- الحديث الأول : قال عليه السلام :