فهرس الكتاب

أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يجمع في أول صلاته

الحديث السابع : روي عن علي رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يجمع في أول صلاته بين قوله : سبحانك اللّهم ، وبحمدك ، إلى آخره ، وقوله : وَجَّهْتُ وَجْهِيَ ، إلى آخره . قلت : غريب من حديث علي ، وقد روي من حديث ابن عمر . ومن حديث جابر . أما حديث ابن عمر ،

فأخرجه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا عبد الوهاب بن فليح المكي ثنا المعافى بن عمران عن عبد اللّه بن عامر الأسلمي عن محمد بن المنكدر عن عبد اللّه بن عمر ، قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال : { وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا مسلماً # وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } ، سبحانك اللّهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك { إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا من # الْمُسْلِمِينَ } ، انتهى . والحديث معلول بعبد اللّه بن عامر ، نقل شيخنا الذهبي في ميزانه تضعيفه عن جماعة كثيرة ، وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء : كان يقلب الأسانيد والمتون ، ويرفع المراسيل والموقوفات ، ثم أسند عن ابن معين أنه قال فيه : ليس بشيء ، انتهى . وأما حديث جابر ،

فرواه البيهقي ، أخبرنا أبو الحسن بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد الصفار ثنا ابن ناجية ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ثنا عبد السلام بن محمد الحمصي ثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة أن أباه حدثه أن محمد بن المنكدر أخبره أن جابر بن عبد اللّه أخبره أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة ، قال : سبحانك اللّهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ، وجهت وجهي ، إلى آخرها ، قال البيهقي في المعرفة : وقد روى في الجمع بينهما عن محمد بن المنكدر ، مرة عن ابن عمر ، ومرة عن جابر ، وليس بالقوي ، انتهى . ووجدت في كتاب العلل - لابن أبي حاتم قال : سأل أحمد بن سلمة أبي عن حديث رواه إسحاق بن راهويه في أول كتاب الجامع عن الليث بن سعد عن سعيد بن يزيد عن الأعرج عن عبيد اللّه بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يجمع في أول صلاته بين : سبحانك اللّهم وبحمدك ، وبين وجهت وجهي ، إلى آخرهما ، قال إسحاق : والجمع بينهما أحب إليِّ ، فقال أبيّ : هذا حديث باطل موضوع لا أصل له ، أرى أن هذا من رواية خالد بن القاسم المدائني ، وقد كان خرج إلى مصر ، فسمع من الليث ، فرجع إلى المدائن ، فسمع منه الناس ، وكان يوصل المراسيل ، ويضع لها أسانيد ، فخرج رجل من أهل الحديث إلى مصر فكتب كتب الليث هناك ، ثم قدم بها بغداد ، فعارضوا بتلك الاحاديث ، فبان لهم أن أحاديث خالد مفتعلة ، انتهى كلامه . وقد

روى مسلم حديث علي منفرداً بقوله : وجهت وجهي فقط ، أخرجه في التهجد من رواية عبيد اللّه بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة ، قال : { وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا مسلماً # وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } { إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا من # الْمُسْلِمِينَ } ، وفي رواية لمسلم { وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } ، اللّهم أنت الملك ، لا إله إلا أنت ، الحديث . وهو عند الدارقطني فيه : كان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة ، قال : { وَجَّهْتُ وَجْهِيَ } إلى آخره ، وجهل بعض الناس ، ففهم من قول المصنف : وعن أبي يوسف أنه يضم إليه قوله : { وَجَّهْتُ وَجْهِيَ } إلى آخره لرواية علي : أنه عليه السلام كان يقول ذلك ، انتهى . أنه أراد مجرد قوله : { وَجَّهْتُ وَجْهِيَ } فاستشهد له بحديث مسلم المتقدم عن علي ، وهذا فهم فاسد ، وإنما أراد المصنف الجمع بين الذِّكرين أعني قوله : { وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي } إلى آخره ، وسبحانك اللَّهم ، إلى آخره ، يدل عليه سياق اللفظ ، مع أن الطحاوي في شرح الآثار لم يستدل للقائلين بالجمع بين الذِّكرين إلا بحديث علي ، كما رواه مسلم ، وبحديث : سبحانك اللَّهم وبحمدك ، من رواية الخدري . وغيره قال : فلما جاءت الرواية بهذا استحسن أبو يوسف أن يقولهما المصلي جميعاً ، انتهى . وكأن الطحاوي لم يقع له شيء من الأحاديث التي رويناها في الجمع ، واللّه أعلم .