فهرس الكتاب

يا رسول اللّه ، هلكت ، وأهلكت ، فقال :

أخرجه الدارقطني عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة أن رجلاً أكل في رمضان ، فأمره النبي عليه السلام أن يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين ، أو يطعم ستين مسكيناً ، انتهى . وأعله بأبي معشر ، وقال : قال ابن معين : ليس بشيء ، ومن أصحابنا من احتج بحديث أبي هريرة المتقدم ، وليس فيه حجة ، لأنهم يحملونه على الجماع ، قالوا : وقد جاء مبيناً في رواية جماعة عن الزهري نحو العشرين رجلاً ، ذكرهم البيهقي ، فقالوا فيه : إن رجلاً وقع على امرأته في رمضان ، قال البيهقي : ورواية هؤلاء الجماعة عن الزهري مقيدة بالوطء أولى بالقبول ، لزيادة حفظهم ، وأدائهم الحديث على وجهه ، كيف ! وقد روى حماد بن مسعدة هذا الحديث عن مالك عن الزهري نحو رواية الجماعة ، ثم أسند عن حماد بن مسعدة عن مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال في رجل وقع على أهله في رمضان : أعتق رقبة ، قال ما أجدها ، قال : فصم شهرين ، قال : ما أستطيع ، قال : فأطعم ستين مسكيناً ، واستدل به المصنف أيضاً على أن الكفارة في هذا الباب ككفارة الظهار ، وفيما تقدم كفاية . الحديث الرابع عشر : روى أن أعرابياً أتى النبي عليه السلام ، فقال : يا رسول اللّه ، هلكت ، وأهلكت ، فقال : ماذا صنعت ؟ قال : واقعت امرأتي في نهار رمضان متعمداً ، فقال : أعتق رقبة ، قال : لا أملك إلا رقبتي هذه ، قال : فصم شهرين متتابعين ، فقال : وهل جاءني ما جاءني إلا من الصوم ، فقال : أطعم ستين مسكيناً ، فقال : لا أجد ، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأن يؤتى بفرق من تمر - ويروى بفرق فيه خمسة عشر صاعاً - وقال : فرقها على المساكين ، فقال : واللّه ليس بين لابتي المدينة أحد أحوج مني ، ومن عيالي ، فقال : كل أنت وعيالك يجزئك ، ولا يجزئ أحداً بعدك . قلت :

أخرج أصحاب الكتب الستة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة ، قال : أتى رجل النبي عليه السلام ، فقال : هلكت ، قال : ما شأنك ؟ ، قال : وقعت على امرأتي في رمضان ، قال : فهل تجد ما تعتق رقبة ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟ قال : لا ، قال : اجلس ، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم بفرق فيه تمر ، فقال : تصدق به ، فقال : يا رسول اللّه ، ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا ، فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى بدت ثناياه - وفي لفظ : أنيابه ، وفي لفظ : نواجذه - ثم قال : خذه فأطعمه أهلك ، انتهى . وفي لفظ لمسلم : وطئت امرأتي في رمضان نهاراً ، وعند مالك في الموطأ : أصبت أهلي ، وأنا صائم في رمضان ، وفي لفظ لأبي داود : زاد الزهري : وإنما كان هذا رخصة له خاصة ، ولو أن رجلاً فعل ذلك اليوم لم يكن له بدٌّ من التكفير ، وفي لفظ في الصحيحين : احترقت ، موضع هلكت ، وفيهما ما يدل لجمهور العلماء على أنه في العامد ، لأن الناسي غير هالك ، ولا محترق ، على أنه جاء في رواية مرسلة ، التصريح بالعمد ، أخرجه الدارقطني في كتاب العلل عن سعيد بن المسيب : أن رجلاً أتى النبي عليه السلام ، فقال : يا رسول اللّه أفطرت في رمضان متعمداً ، الحديث . ويؤيده ما رواه مالك في الموطأ عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب ، قال : أتى أعرابي إلى النبي عليه السلام ينتف شعره ، ويضرب نحره ، ويقول : هلك الأبعد ، فذكره ، وهو من مراسيل سعيد ، ورواه الدارقطني في كتاب العلل مسنداً من حديث أبي هريرة ، فقال : حدثنا عبد الملك بن أحمد ثنا يعقوب الدورقي ثنا روح ثنا محمد بن أبي حفصة عن ابن شهاب عن حميد عن أبي هريرة : أن أعرابياً جاء يلطم وجهه ، وينتف شعره ، الحديث . وفي الكتاب : هلكت ، وأهلكت ، وليس في الكتب الستة : إلا هلكت فقط ، قال الخطابي : وروى في بعض طرقه هلكت ، وأهلكت ، واستدل بها بعضهم على مشاركة المرأة إياه في الجناية ، قال : وهذه اللفظة غير محفوظة ، وأصحاب سفيان لم يرووها عنه ، إنما ذكروا قوله : هلكت فقط ، غير أن بعض أصحابنا حدثني أن المعلى بن منصور روى هذا الحديث عن سفيان ، فذكر هذا الحرف فيه ، وهو غير محفوظ ، والمعلى ليس بذلك القوي في الحفظ والإِتقان ، انتهى . قلت : أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي ثور ثنا معلى بن منصور ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة ، قال : جاء أعرابي إلى النبي عليه السلام ، فقال : هلكت ، وأهلكت ، الحديث . ثم قال : تفرد به أبو ثور عن معلى بن منصور عن ابن عيينة بقوله : وأهلكت ، وهم ثقات ، انتهى . وأخرجه البيهقي في سننه عن جماعة عن الأوزاعي عن الزهري به ، وفيه : هلكت ، وأهلكت ، قال البيهقي : ضعف شيخنا أبو عبد اللّه الحاكم هذه اللفظة : وأهلكت ، وقال : إنها أدخلت على محمد بن المسيب الأرغياني ، فقد رواه أبو علي الحافظ عن محمد بن المسيب بالإِسناد دون هذه اللفظة ، ورواه كافة أصحاب الأوزاعي عن الأوزاعي دونها ، ولم يذكرها أحد من أصحاب الزهري عن الزهري ، وكان شيخنا أبو عبد اللّه يستدل على كونها في تلك الرواية أيضاً خطأ ، بأنه نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلى بن منصور ، فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة ، وأن كافة أصحاب سفيان رووه دونها ، انتهى . وقال المنذري في حواشيه : وقول الزهري : إنما كان هذا رخصة له خاصة ، دعوى لم يقم له عليها برهان ، وقال غيره : إنه منسوخ ، وهو أيضاً دعوى ، انتهى . وقوله في الكتاب : تجزئك ، ولا تجزئ أحداً بعدك ، لم أجده في شيء من طرق الحديث ، ولا رواية : الفرق بالفاء ، والفرق : هو الزنبيل ، قيل : يسع خمسة عشر صاعاً . واعلم أن الحديث ورد في الصوم

أخرجه أبو داود عن هشام بن سعد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ، قال : جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فذكره ، إلى أن قال : فأتى بعرق فيه تمر ، قدر خمسة عشر صاعاً ، وقال : كله أنت وأهل بيتك ، وصم يوماً ، واستغفر اللّه ، قال ابن القطان : وعلة هذا الحديث ضعف هشام بن سعد ، انتهى . وقال عبد الحق في أحكامه : طرق مسلم في هذا الحديث أصح وأشهر ، وليس فيها : صم يوماً ، ولا مكتلة التمر ، ولا الاستغفار ، وإنما يصح القضاء مرسلاً ، انتهى كلامه . وهذا المرسل