فهرس الكتاب

أنه أمَّ اثنين ، فتوسطهما

أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن كريب مولى ابن عباس ، قال : بت عند خالتي ميمونة ، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الليل ، فأطلق القربة فتوضأ ، ثم أوكأ القربة ، ثم قام إلى الصلاة ، فقمت فتوضأت ، كما توضأ ، ثم جئت فقمت عن يساره ، فأخذني بيمينه فأدارني من ورائه ، فأقامني عن يمينه ، فصليت معه ، انتهى . أخرجوه مختصراً ومطولاً . الحديث السابع والستون : روي عن ابن مسعود أنه أمَّ اثنين ، فتوسطهما ، قلت :

أخرجه مسلم في صحيحه عن إبراهيم عن علقمة . والأسود أنهما دخلا على عبد اللّه ، فقال : أصلي من خلفكم ؟ قالا : نعم ، فقام بينهما ، فجعل أحدهما عن يمينه . والآخر عن شماله ، ثم ركعنا ، فوضعنا أيدينا على رُكبنا ، ثم طبق بين يديه ، ثم جعلهما بين فخذيه ، فلما صلى ، قال : هكذا فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى .

ورواه أبو داود في سننه ، لم يذكر فيه التطبيق ، ولفظه : قال : استأذن علقمة . والأسود على عبد اللّه ، فأذن لهما ، ثم قام فصلى بينهما ، ثم قال : هكذا رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فعل ، قال المنذري في مختصره : قال أبو عمر بن عبد البر : هذا الحديث لا يصح رفعه ، والصحيح عندهم التوقيف على ابن مسعود ، أنه صلى كذلك بعلقمة . والأسود ، قال : وهذا الذي أشار إليه أبو عمر قد

أخرجه مسلم في صحيحه أن ابن مسعود صلى بعلقمة ، والأسود ، وهو موقوف ، وقال بعضهم : إنه منسوخ ، لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهو بمكة ، وفيها التطبيق ، وأحكام أخرى ، هي الآن متروكة ، وهذا الحكم من جملتها ، ولما قدم النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة تركه ، انتهى كلامه ، وقال النووي في الخلاصة : الثابت في صحيح مسلم أن ابن مسعود فعل ذلك ، ولم يقل : هكذا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفعله ، ورواه أبو داود مرفوعا بسند فيه هارون بن & عنترة ، وهو وإن وثقه أحمد . وابن معين ، فقد قال الدارقطني : هو متروك ، كان يكذب ، وهذا جرح مفسر ، فيقدم على التعديل ، ورواه البيهقي من طريق ابن إسحاق عن ابن الأسود به ، وابن إسحاق مشهور بالتدليس ، وقد عنعن ، والمدلس إذا عنعن لا يحتج به بالاتفاق ، انتهى كلامه . قلت : كأنهما ذهلا ، فإن مسلماً أخرجه من ثلاث طرق ، لم يرفعه في الأوليين ، ورفعه في الثالثة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وقال فيه : هكذا فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، والدليل عليه أن الترمذي ، قال في جامعه : وروى عن ابن مسعود أنه صلى بعلقمة والأسود ، فقام بينهما ، قال : ورواه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى .

ورواه البيهقي وأحمد من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه ، قال : دخلت أنا . وعلقمة على ابن مسعود بالهاجرة ، فلما زالت الشمس أقام الصلاة ، فقمت أنا وصاحبي خلفه ، فأخذ بيدي وبيد صاحبي ، فجعلنا عن يمينه ويساره ، وقام بيننا ، وقال : هكذا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصنع ، إذا كانوا ثلاثة ، انتهى . وضعف بابن إسحاق ، وقد عنعن ، وهو مدلس ، وأجيب عن حديث ابن مسعود هذا بثلاثة أجوبة أحدها : أن ابن مسعود لم يبلغه حديث أنس الآتي ذكره عقيب هذا الحديث . الثاني : أنه كان لضيق المسجد .

رواه الطحاوي في شرح الآثار بسنده عن ابن سيرين أنه قال : لا أرى ابن مسعود فعل ذلك إلا لضيق المسجد ، أو لعذر آخر ، لا على أنه من السُّنة ، انتهى . والثالث : ذكره البيهقي في المعرفة ، قال : وأما ما روى عن ابن مسعود ، فقد قال فيه ابن سيرين : إنه كان لضيق المسجد ، وقد قيل : إنه رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم يصلي . وأبو ذر عن يمينه ، كل واحد يصلي لنفسه ، فقام ابن مسعود خلفهما ، فأومأ إليه النبي صلى اللّه عليه وسلم بشماله ، فظن عبد اللّه أن ذلك سنة الموقف ، ولم يعلم أنه لا يؤمهما ، وعلمه أبو ذر ، حتى قال ، فيما روى عنه : يصلي كل رجل منا لنفسه ، وذهب الجمهور إلى ترجيح رواية غيره على روايته بكثرة العدد ، والقائلين به ، وبسلامته من الأحكام المنسوخة ، انتهى . وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ : وحديث ابن مسعود منسوخ ، لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهو بمكة ، وفيها التطبيق ، وأحكام أخرى هي الآن متروكة ، وهذا الحكم من جملتها ، ولما قدم النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة تركه ، بدليل ما

أخرجه مسلم عن عبادة بن الوليد عن جابر ، قال : سرت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غزوة ، فقام يصلي ، قال : فجئت حتى قمت عن يساره ، فأخذ بيدي ، فأدارني حتى أقامني عن يمينه ، فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره ، فأخذنا بيديه جميعاً ، فدفعنا حتى أقامنا خلفه ، انتهى . قال : وهذا دال على أن هذا الحكم هو الآخر ، لأن جابراً إنما شهد المشاهد التي كانت بعد بدر ، ثم في قيام ابن صخر عن يسار النبي صلى اللّه عليه وسلم أيضاً دلالة على أن الحكم الأول كان مشروعاً ، وأن ابن صخر كان يستعمل الحكم الأول حتى مُنع منه ، وعرف الحكم الثاني . الحديث الثامن والستون :