فهرس الكتاب

نهى أن يصلي الرجل ، ورأسه معقوص ،

وروى البيهقي عن ابن عمر . وابن الزبير . وابن عباس أنهم ، كانوا يقْعون ، والجواب عن ذلك : أن الإِقعاء على ضربين : أحدهما : مستحب . والآخر : منهي عنه ، فالمنهي عنه أن يضع أليتيه ويديه على الأرض ، وينصب ساقيه ، والمستحب أن يضع أليتيه على عقبيه ، وركبتاه في الأرض ، فهذا الذي رواه ابن عباس ، وفعلته العبادلة ، نص الشافعي على استحبابه بين السجدتين ، وقد بسطناه في شرح المهذب ، وهو من المهمات ، وقد غلط فيه جماعة لتوهمهم أن الإِقعاء نوع واحد ، وأن الأحاديث فيه متعارضة ، حتى ادعى بعضهم أن حديث ابن عباس منسوخ ، وهذا غلط فاحش ، فإنه لم يتعذر الجمع ، ولا تاريخ ، فكيف يصح النسخ ؟ ، انتهى . الحديث الخامس والتسعون : روى أنه عليه السلام نهى أن يصلي الرجل ، ورأسه معقوص ، قلت :

أخرجه ابن ماجه في سننه عن شعبة عن مخول بن راشد ، سمعت أبا سعيد ، يقول : رأيت أبا رافع ، مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وقد رأى الحسن بن علي : وهو يصلي ، وقد عقص شعره ، فأطلقه ، وقال : نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يصلي الرجل ، وهو عاقص شعره ، انتهى .

ورواه أبو داود . والترمذي ، واللفظ لأبي داود ، عن عمران بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه ، أنه رأى أبا رافع ، مولى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، مرّ بحسن بن علي ، وهو يصلي قائماً ، وقد غرز ضَفره في قفاه ، فحلها أبو رافع ، فالتفت حسن إليه مغضباً ، فقال له أبو رافع : أقبل على صلاتك ، ولا تغضب ، فإِني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : ذاك كفل الشيطان ، انتهى . ولفظ الترمذي كذلك ، إلا أنه قال فيه : عن أبي رافع ، لم يقل : إنه رأى أبا رافع ، وقال : حديث حسن ، انتهى .

ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن مخول بن راشد عن رجل عن أبي رافع ، قال : نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يصلي الرجل ، ورأسه معقوص ، انتهى .

ورواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن مخول بن راشد عن سعيد المقبري عن أبي رافع عن أم سلمة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل ، ورأسه معقوص ، انتهى . ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا المؤمل بن إسماعيل ثنا سفيان به ، سنداً ومتناً ، وزاد : قال إسحاق : قلت للمؤمل بن إسماعيل : أفيه أمُّ سلمة ؟ ، فقال : بلا شك ، هكذا كتبته منه إملاءً بمكة ، انتهى . وبهذا السند ، رواه الدارقطني في كتاب العلل ، قال : ووهم المؤمل في ذكر أم سلمة ، وغيره لا يذكرها ، ورواه عمران بن موسى عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي رافع ، وهو أصحهما إسناداً ، وقال في موضع آخر من العلل : هذا حديث يرويه أبو حذيفة . ومؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مخول عن المقبري عن أبي رافع عن أم سلمة ، وغيرهما يرويه عن الثوري عن مخول ، ولا يذكر أم سلمة ، وهكذا رواه شعبة . وشريك عن مخول ، وهو الصواب ، انتهى . وقال ابن أبي حاتم في كتاب العلل : سألت أبي عن حديث رواه المؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مخول عن سعيد المقبري عن أم سلمة ، قالت : نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يصلي الرجل ، ورأسه معقوص ، فقال أبي : أخطأ مؤمل ، إنما روى عن مخول عن أبي سعيد عن أبي رافع ، والحديث عن أبي رافع ، انتهى . وقال عبد الحق في أحكامه : قال الطحاوي في كتابه مشكل الآثار : يبعد أن يكون أبو سعيد المقبري شاهد من أبي رافع قصة الحسن هذه ، فإن وفاة أبي سعيد كانت سنة خمس وعشرين ومائة ، وكانت وفاة علي قبل ذلك بخمس وثمانين سنة ، ووفاة أبي رافع قبل ذلك ، وعلي كان وصي أبي رافع ، قال عبد الحق : وهذا الذي استبعده الطحاوي ليس ببعيد ، فإن المقبري سمع عمر بن الخطاب ، على ما ذكر البخاري في تاريخه ، وقال أبو عمر بن عبد البر : توفي أبو رافع في خلافة عثمان ، وقيل : في خلافة علي ، وهو أصح ، انتهى كلامه . قال ابن القطان في كتابه : وهذا الذي قاله يحتاج إلى زيادة ، وذلك إذا سلمنا أن أبا سعيد توفي سنة خمس وعشرين ومائة ، وأن بين وفاته ووفاة علي خمساً وثمانين سنة ، لأن علياً مات سنة أربعين ، فينبغي أن يضيف إلى ذلك أيامه ، وهي أربع سنين وتسعة أشهر ، وأيام عثمان ، وهي ثنتان عشرة سنة ، فهذه سبع عشرة سنة ، غير رُبع ، فجاء الجميع مائة سنة وسنتين ، فليفرض أنه سمع من عمر في آخر حياته ، فلا أقل أن يكون سن من يضبط ، كثمان سنين ، أو نحوها ، فهذه مائة سنة ، وعشر ، فيحتاج سن أبي سعيد أن يكون هذا القدر ، وإلا فلا يصح سماعه عن أبي رافع ، وهذا شيء لا يعرف له ، ولا ذكر به ، قال : فالأولى في ذلك أن يقال : إن وفاة أبي سعيد المقبري ، لم تكن سنة خمس وعشرين ومائة ، فإني لا أعرف أحداً قال ذلك ، إلا الطحاوي ، وإنما المعروف في وفاته ، إما سنة مائة ، كما حكاه الطبري في كتابه ذيل المذيل ، وقاله أبو عيسى الترمذي ، وإما في خلافة الوليد بن عبد الملك ، كما قاله الواقدي . وغيره ، وكانت وفاة الوليد سنة ست وتسعين ، وإما في خلافة عبد الملك ، وهو قول أبي حاتم الرازي ، فلينزل على أبعد هذه الأقوال ، وهو قول من قال : سنة مائة ، حتى يكون بين وفاته ووقت حياة أبي رافع ستون سنة ، أو أكثر بقليل ، وهذا لا بعد فيه ، ولا يحتاج معه إلى تقدير سماعه من عمر ، فإنه وإن حكاه البخاري ، مشكوك فيه ، ولم يحكه بإِسناد ، والذي قاله غير البخاري : إنه روى عن عمر ، وهذا لا ينكر ، فإنه قد يرسل عنه ، قال : ويؤيد ما قلناه : إن المقبري لا يبعد سماعه من أبي رافع ، أن أبا داود روى الحديث المذكور ، وقال فيه : عن أبي سعيد أنه رأى أبا رافع مرَّ بالحسن ، ففي هذا اللفظ ، أنه رأى هذا الفعل من أبي رافع ، وشاهده ، ولكن في إسناده عمران بن موسى ، ولا أعرف حاله ، ولا أعرف روى عنه غير ابن جريج ، انتهى كلامه . قلت : قد رواه ابن ماجه أيضاً ، وفيه : رأيت أبا رافع ، وقد تقدم ، ومخول بن راشد ثقة ، أخرج ا له في الصحيحين ، وأخرج له الباقون . أحاديث الباب :

أخرج الأئمة الستة في كتبهم عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أمرت أن أسجد على سبعة ، وأن لا أكف شعراً ، ولا ثوباً ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه مسلم عن كريب أن عبد اللّه بن عباس رأى عبد اللّه بن الحارث يصلي ، ورأسه معقوص من ورائه ، فقام وراءه ، فجعل يحله ، فلما انصرف ، أقبل على ابن عباس ، فقال : مالك ولرأسي ؟ . قال : إني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : إنما مثل هذا مثل الذي يصلي ، وهو مكتوف ، انتهى . حديث آخر :