فهرس الكتاب

لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن : تكبيرة الافتتاح

الحديث الثامن والثلاثون : روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن : تكبيرة الافتتاح . وتكبيرة القنوت . وتكبيرات العيدين ، وذكر الأربع في الحج ، قلت : غريب بهذا اللفظ ، وقد روي من حديث ابن عباس ، ومن حديث ابن عمر بنقص وتغيير .

قال الطبراني في معجمه : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى حدثني أبي عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن : حين يفتتح الصلاة . وحين يدخل المسجد الحرام ، فينظر إلى البيت . وحين يقوم على الصفا . وحين يقوم على المروة . وحين يقف مع الناس عشية عرفة . ويجمع . والمقامين حين يرمي الجمرة ، انتهى .

حدثنا أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي ثنا عمرو بن يزيد أبو يزيد الجرمي ثنا سيف بن عبيد اللّه ثنا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : السجود على سبعة أعضاء : اليدين . والقدمين . والركبتين . والجبهة . ورفع الأيدي إذا رأيت البيت . وعلى الصفا والمروة . وبعرفة . وعند رمي الجمار . وإذا قمت للصلاة ، انتهى

وذكر البخاري الأول معلقاً في كتابه المفرد في رفع اليدين ، فقال : وقال وكيع : عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن : في افتتاح الصلاة . وفي استقبال الكعبة . وعلى الصفا والمروة . وبعرفات . وبجمع . وفي المقامين . وعند الجمرتين ، ثم قال : قال شعبة : لم يسمع الحكم من مقسم إلا أربعة أحاديث ، ليس هذا منها ، فهو مرسل ، وغير محفوظ ، لأن أصحاب نافع خالفوا ، وأيضاً فهم قد خالفوا هذا الحديث ، ولم يعتمدوا عليه في تكبيرات العيدين ، وتكبير القنوت ، وفي رواية وكيع : ترفع الأيدي ، لا يمنع رفعه فيما سوى هذه السبعة ، انتهى كلامه .

وقال البزار في مسنده : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ثنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ، وعن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : ترفع الأيدي في سبعة مواطن : افتتاح الصلاة . واستقبال البيت . والصفا والمروة . والموقفين . وعند الحجر ، انتهى . قال : وهذا حديث قد رواه غير واحد موقوفاً ، وابن أبي ليلى لم يكن بالحافظ ، وإنما قال : ترفع الأيدي ، ولم يقل : لا ترفع الأيدي إلا في هذه المواضع ، انتهى كلامه . قلت :

رواه موقوفاً ابن أبي شيبة في مصنفه ، فقال : حدثنا ابن فضيل عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : ترفع الأيدي في سبعة مواطن : إذا قام إلى الصلاة . وإذا رأى البيت . وعلى الصفا والمروة . وفي جمع . وفي عرفات . وعند الجمار ، انتهى . حدثنا ابن فضيل عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ، قال : لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن : إذا قمت إلى الصلاة . وإذا جئت من بلد . وإذا رأيت البيت . وإذا قمت على الصفا والمروة . وبعرفات . وبجمع . وعند الجمار . انتهى . قال الشيخ في الإمام

ورواه الحاكم ، ثم البيهقي عنه بإسناده عن المحاربي عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ، وعن نافع عن ابن عمر ، قالا : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ترفع الأيدي في سبعة مواطن : عند افتتاح الصلاة . واستقبال البيت . والصفا والمروة . والموقفين . والجمرتين ،

وبإسناده أيضاً عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر ، وعن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ، قالا : ترفع الأيدي في سبعة مواطن : في افتتاح الصلاة . واستقبال القبلة . وعلى الصفا والمروة . وبعرفات . وبجمع . وفي المقامين عند الجمرتين ، قال الشيخ في الإمام : واعترض على هذا بوجوه : أحدها : تفرد ابن أبي ليلى ، وترك الاحتجاج به . وثانيها : رواية وكيع عنه بالوقف على ابن عباس . وابن عمر ، قال الحاكم : ووكيع أثبت من كل من روى هذا الحديث عن ابن أبي ليلى . وثالثها : رواية جماعة من التابعين بالأسانيد الصحيحة المأثورة عن عبد اللّه بن عمر . وعبد اللّه بن عباس أنهما كانا يرفعان أيديهما عند الركوع ، وبعد رفع الرأس من الركوع ، وقد أسنداه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم . ورابعها : أن شعبة ، قال : لم يسمع الحكم من مقسم إلا أربعة أحاديث ، وليس هذا الحديث منها . وخامسها : عن الحكم ، قال : إن في جميع الروايات ترفع الأيدي في سبعة مواطن ، وليس في شيء منها : لا ترفع الأيدي إلا فيها ، ويستحيل أن يكون : لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن صحيحاً ، وقد تواترت الأخبار بالرفع في غيرها كثيراً : منها الاستسقاء . ودعاء النبي صلى اللّه عليه وسلم . ورفعه عليه السلام يديه في الدعاء في الصلوات ، وأمره به ، ورفع اليدين في القنوت في صلاة الصبح والوتر ،

وروى البيهقي من طريق الشافعي ثنا سعيد بن سالم عن ابن جريج ، قال : حدثت عن مقسم مولى عبد اللّه بن الحارث عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : رفع الأيدي في الصلاة . وإذا رأى البيت . وعلى الصفا والمروة . وعشية عرفة . وبجمع . وعند الجمرتين . وعلى الميت ، انتهى . قال البيهقي : ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ، وعن نافع عن ابن عمر ، مرة موقوفاً عليهما ، ومرة مرفوعاً إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، دون ذكر الميت ، قال : وابن أبي ليلى هذا غير قوي ، انتهى . قوله : روي عن ابن الزبير أنه حمل ما روي من الرفع في الصلاة على الابتداء ، ولفظه في الكتاب : والذي يروى من الرفع محمول على الابتداء ، كذا نقل عن ابن الزبير رضي اللّه عنه . قلت : غريب ،

وذكره ابن الجوزي في التحقيق ، فقال : وزعمت الحنفية أن أحاديث الرفع منسوخة بحديثين : رووا أحدهما عن ابن عباس قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يرفع يديه كلما ركع ، وكلما رفع ، ثم صار إلى افتتاح الصلاة ، وترك ما سوى ذلك ، والثاني : رووه عن ابن الزبير أنه رأى رجلاً يرفع يديه من الركوع ، فقال : مه فإن هذا شيء فعله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ثم تركه ، قال : وهذان الحديثان لا يعرفان أصلاً ، وإنما المحفوظ عن ابن عباس . وابن الزبير خلاف ذلك ، فأخرج أبو داود عن ميمون المكي أنه رأى الزبير وصلى بهم يشير بكفيه حين يقوم . وحين يركع . وحين يسجد ، قال : فذهبت إلى ابن عباس ، فأخبرته بذلك ، فقال : إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاقتد بصلاة عبد اللّه بن الزبير ، ولو صح ذلك لم تصح دعوى النسخ ، لأن من شرط الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ ، انتهى كلامه .