فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: بين كل أذانين صلاة لمن شاء

بابٌُ بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صلاةٌ لِمَنْ شاءَ
أَي: هَذَا بابُُ بَيَان أَن بَين كل أذانين صَلَاة، وَقد قُلْنَا: إِن المُرَاد من الأذانين الْأَذَان وَالْإِقَامَة بطرِيق التغليب، كالعمرين والقمرين وَنَحْوهمَا، لَا يُقَال: هَذَا الْبابُُ تكْرَار لِأَنَّهُ ذكر قبل هَذَا الْبابُُ، لأَنا نقُول: إِنَّه قد ذكر هُنَاكَ بِبَعْض مَا دلّ عَلَيْهِ لفظ حَدِيث الْبابُُ، وَهنا ذكر بِلَفْظ الحَدِيث، وَأَيْضًا لما كَانَ بعض اخْتِلَاف فِي رُوَاة الحَدِيث وَفِي مَتنه ذكره بترجمتين بِحَسب ذَلِك.

[ قــ :609 ... غــ :627 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ قَالَ حدَّثنا كَهْمَسَ عنْ عَبْدِ الله بنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ الله بنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صلاةٌ بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صلاةٌ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شاءَ ( انْظُر الحَدِيث 624) .


مطابقته للتَّرْجَمَة لَفظه كَمَا ذكرنَا، وَعبد الله بن يزِيد هُوَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمقري مولى آل عمر الْبَصْرِيّ، ثمَّ الْمَكِّيّ، مَاتَ سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ، روى عَنهُ البُخَارِيّ، وروى عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَنهُ فِي الْأَحْكَام، وَعَن مُحَمَّد غير مَنْسُوب عَنهُ فِي الْبيُوع، وروى عَنهُ مُسلم بِوَاسِطَة.
وكهمس، بِفَتْح الْكَاف وَسُكُون الْهَاء وَفتح الْمِيم وبالسين الْمُهْملَة: ابْن الْحسن مكبر النمري، بِفَتْح النُّون وَالْمِيم: الْقَيْسِي، مَاتَ سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة، وَبَاقِي الروَاة وَمَا يتَعَلَّق بِالْحَدِيثِ قد ذَكرْنَاهُ.

فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين عبارَة حَدِيث ذَاك الْبابُُ وَعبارَة حَدِيث هَذَا الْبابُُ؟ قلت: الحَدِيث الَّذِي هُنَا يُفَسر ذَاك الحَدِيث، وَالْأَحَادِيث يُفَسر بَعْضهَا بَعْضًا.
وَقَوله هُنَاكَ: ثَلَاثًا، من لفظ الرَّاوِي أَي: قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات، وَبَين ذَلِك رِوَايَة النَّسَائِيّ: ( بَين كل أذانين صَلَاة، بَين كل أذانين صَلَاة، بَين كل أذانين صَلَاة) .
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا التَّوْفِيق بَينه حَيْثُ قيد الثَّالِثَة بقوله: لمن شَاءَ، وَبَين الْمُطلق الَّذِي ثمَّة؟ قلت: هَذَا فِي الكرتين الْأَوليين مُطلق، وَذَاكَ مُقَيّد بقوله: ( لمن شَاءَ) فِي المرات، وَالْمُطلق يحمل على الْمُقَيد عِنْد الْأُصُولِيِّينَ، وإيضا ثمَّة نقل الزِّيَادَة فِي الْأَوليين، وَزِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة عِنْد الْمُحدثين.
قلت: مَشِيئَة الصَّلَاة مُرَادة بَين كل أذانين على أَي وَجه كَانَ، أَلاَ ترى أَن عِنْد التِّرْمِذِيّ قَالَهَا مرّة،.

     وَقَالَ  فِي الرَّابِعَة لمن شَاءَ؟ وَعند أبي دَاوُد قَالَهَا مرَّتَيْنِ وَعند البُخَارِيّ ثَلَاثًا وَعند النَّسَائِيّ ثَلَاث مَرَّات مكررة بِغَيْر لفظ الْعدَد؟ وَالله تَعَالَى أعلم.