فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت على كل شيء شهيد} [المائدة: 117]

( بابٌُ: { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدا مَا دُمْتُ فِيهمْ فَلمَّا تَوَفَيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأنْتَ عَلَى كُلُّ شَيْءٍ شَهِيدا} ( الْمَائِدَة: 117)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا} الْآيَة هَذِه والآيات الَّتِي قبلهَا من قَوْله: { وَإِذا قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس} ( الْمَائِدَة: 116) إِلَى آخر السُّورَة، مِمَّا يُخَاطب الله بِهِ عَبده وَرَسُوله عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام قَائِلا لَهُ يَوْم الْقِيَامَة بِحَضْرَة من اتَّخذهُ وَأمه إلاهين من دون الله تهديدا لِلنَّصَارَى وتوبيخا وتقريعا على رُؤُوس الأشهاد، وَهَكَذَا قَالَ قَتَادَة وَغَيره.
)

[ قــ :4372 ... غــ :4625 ]
- ح دَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدَّثنا شُعْبَةُ أخْبَرنا المُغِيرَةُ بنُ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بن جُبَيْرٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَال خَطَبَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أيُّها النَّاسُ إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إلَى الله حُفاةً عُرَاةً غُرلاً ثُمَّ قَالَ: { كَمَا بَدَأْنَا أولَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدا عَلَيْنَا إنّا كُنّا فَاعِلِينَ} ( الْأَنْبِيَاء: 104) إلَى آخِرِ الآيَةِ ثُمَّ قَالَ أَلا وَإنَّ أوَّلَ الخَلائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ أَلا وَإنَّهُ يُجاءُ بِرِجالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فأقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي فَيُقال إنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَالِحُ: { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَيْتَنِي كُنْتُ أنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} فَيُقَالُ إنَّ هاؤُلاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِينَ عَلَى أعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، والْحَدِيث قد مضى فِي مَنَاقِب إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، وَأخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان عَن الْمُغيرَة بن النُّعْمَان عَن سعيد بن جُبَير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى آخِره.

قَوْله: ( غرلًا) بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة جمع أغرل وَهُوَ الَّذِي لم يختن وَبقيت مِنْهُ غرلته وَهِي مَا يقطعهُ الْخِتَان من ذكر الصَّبِي.
قَوْله: ( ذَات الشمَال) ، جِهَة النَّار.
قَوْله: ( أصيحابي) ، مصغر الْأَصْحَاب، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِالتَّصْغِيرِ يدل على تقليل عَددهمْ وَلم يرد بِهِ خَواص أَصْحَابه الَّذين لزموه وَعرفُوا بِصُحْبَتِهِ أُولَئِكَ صانهم الله وعصمهم من التبديل، وَالَّذِي وَقع من تَأْخِير بعض الْحُقُوق إِنَّمَا كَانَ من جُفَاة الْأَعْرَاف وَكَذَلِكَ الَّذِي ارْتَدَّ مَا كَانَ إلاَّ مِنْهُم مِمَّن لَا بَصِيرَة لَهُ فِي الدّين وَذَلِكَ لَا يُوجب قدحا فِي الصَّحَابَة الْمَشْهُورين، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ.
قَوْله: ( العَبْد الصَّالح) ، هُوَ عِيسَى ابْن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام.