فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب فضل عائشة رضي الله عنها

( بابُُ فَضْلِ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا) أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، هِيَ الصديقة بنت الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قيل: إِنَّمَا قَالَ البُخَارِيّ: ذكر مُعَاوِيَة ومناقب فَاطِمَة وَفضل عَائِشَة لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذكر الْفضل مُرَاعَاة لفظ الحَدِيث فِي حَقّهَا.
وَأما الذّكر فَهُوَ أَعم من المناقب.
وَأمّهَا أم رُومَان بنت عَامر بن عُوَيْمِر بن عبد شمس تزَوجهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة بِسنتَيْنِ فِي قَول أبي عُبَيْدَة، وَقيل: قبلهَا بِثَلَاث سِنِين، وَقيل: بِسنة وَنصف، وَهِي بنت سِتّ سِنِين وَبنى بهَا بِالْمَدِينَةِ بعد مُنْصَرفه من وقْعَة بدر فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ من الْهِجْرَة وَهِي بنت تسع سِنِين، وَمَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلها نَحْو ثَمَان عشرَة سنة، وَعَاشَتْ بعده قَرِيبا من خمسين سنة، وَأكْثر الناسُ الْأَخْذ عَنْهَا ونقلوا عَنْهَا من الْأَحْكَام والآداب شَيْئا كثيرا، حَتَّى قيل: إِن ربع الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة منقولة عَنْهَا، رُوِيَ لَهَا عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألف حَدِيث وَعشرَة أَحَادِيث، وَلم تَلد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَسَأَلته أَن تكتني، فَقَالَ: إكتني بِابْن أختك، قَالَت: أم عبد الله.



[ قــ :3592 ... غــ :3768 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أبُو سَلَمَةَ إنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْماً يَا عائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرئُكِ السَّلامَ فَقُلْتُ وعَلَيْهِ السَّلاَمُ ورَحْمَةُ الله وبرَكَاتُهُ تَراى مَا لَا أراى تُرِيدُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن سَلام جِبْرِيل عَلَيْهَا يدل على أَن لَهَا فضلا عَظِيما، وَاسْتدلَّ بِهِ بَعضهم لفضل خَدِيجَة على عَائِشَة لِأَن الَّذِي ورد فِي حق خَدِيجَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: ( إِن جِبْرِيل يُقْرِئك السَّلَام من رَبك) ، وَهنا: السَّلَام من جِبْرِيل خَاصَّة، وَيحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ، وَهَذَا روى لَهُ مُسلم أَيْضا وَيُونُس بن يزِيد وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف، والْحَدِيث مر فِي بَدْء الْخلق وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: ( يَا عائش) ، مرخم يجوز فِي الشين الضَّم وَالْفَتْح.
قَوْله: ( ترى) خطاب لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأوضحه بقوله: تُرِيدُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.





[ قــ :3593 ... غــ :3769 ]
- حدَّثنا آدَمُ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ وحدَّثنا عَمْرٌ وأخبرَنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ عنْ مُرَّةَ عنْ أبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثيرٌ ولَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّساءِ إلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وآسِيةُ امْرَأةُ فِرْعَوْنَ وفَضْلُ عائِشَةَ علَى النِّسَاءِ كفَضْلِ الثَّرِيدِ علَى سائِرِ الطَّعَامِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فضل عَائِشَة) إِلَى آخِره، وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين: الأول: عَن آدم بن أبي إِيَاس عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة ... إِلَى آخِره.
الثَّانِي: عَن عَمْرو بن مَرْزُوق عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء: الْأَعْمَى الْكُوفِي عَن مرّة الْهَمدَانِي الْكُوفِي عَن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي قصَّة مُوسَى فِي: بابُُ قَول الله تَعَالَى: { ضرب الله مثلا} ( إِبْرَاهِيم: 4، النَّحْل: 57، 67 و 11، الزمر: 9، التَّحْرِيم: 01 و 11) .
الْآيَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( كمل) ، بِتَثْلِيث الْمِيم.
قَوْله: ( وَلم يكمل) ، أَي: من نسَاء عصرها،.

     وَقَالَ  ابْن حبَان الْأَفْضَلِيَّة الَّتِي يدل عَلَيْهَا هَذَا الحَدِيث وَغَيره مُقَيّدَة بنساء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى لَا يَقع بَينه وَبَين قَوْله: أفضل نسَاء إهل الْجنَّة خَدِيجَة وَفَاطِمَة، تعَارض ظَاهرا.





[ قــ :3594 ... غــ :3770 ]
- حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بنَ مَالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يقُولُ سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ فَضْلُ عائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أبي الْقَاسِم الْقرشِي العامري الأويسي الْمَدِينِيّ، وَمُحَمّد بن جَعْفَر ابْن أبي كثير، وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن معمر بن حزم أَبُو طوالة الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَطْعِمَة عَن عَمْرو بن عون ومسدد.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن القعْنبِي وَعَن يحيى بن يحيى وقتيبة وَعلي بن حجر.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن عَليّ بن حجر.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَطْعِمَة عَن حَرْمَلَة بن يحيى.

قَوْله: ( الثَّرِيد) ، فِي الأَصْل: الْخبز المكسور، يُقَال: ثردت الْخبز ثرداً أَي كَسرته فَهُوَ ثريد ومثرود، والإسم: الثردة بِالضَّمِّ،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير فِي شرح هَذَا الْموضع، قيل: لم يرد عين الثَّرِيد، وَإِنَّمَا أَرَادَ الطَّعَام الْمُتَّخذ من اللَّحْم والثريد مَعًا لِأَن الثَّرِيد غَالِبا لَا يكون إلاَّ من لحم، وَالْعرب قَلما تَجِد طبيخاً، وَلَا سِيمَا بِلَحْم.
وَيُقَال: الثَّرِيد أحد اللحمين بل اللَّذَّة وَالْقُوَّة إِذا كَانَ اللَّحْم نضيجاً فِي المرق أَكثر مِمَّا فِي نفس اللَّحْم.
انْتهى.
قلت: علم من هَذَا أَن الثَّرِيد طَعَام متخذ من اللَّحْم يكون فِيهِ خبز مكسور، فَلَا يُسمى اللَّحْم الْمَطْبُوخ وَحده بِدُونِ الْخبز المكسور ثريداً، وَلَا الْخبز المكسور وَحده بِدُونِ اللَّحْم ثريداً.
وَالظَّاهِر أَن فضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام إِنَّمَا كَانَ فِي زمنهم لأَنهم قَلما كَانُوا يَجدونَ الطبيخ، وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ بِاللَّحْمِ، وَأما فِي هَذَا الزَّمَان فأطعمة معمولة من أَشْيَاء كَثِيرَة متنوعة فِيهَا من أَنْوَاع اللحوم وَمَعَهَا أَنْوَاع من الْخبز الْحوَاري، فَلَا يُقَال: إِن مُجَرّد اللَّحْم مَعَ الْخبز المكسور أفضل من هَذِه الْأَطْعِمَة الْمُخْتَلفَة الْأَجْنَاس والأنواع، وَهَذَا ظَاهر لَا يخفى.





[ قــ :3595 ... غــ :3771 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ حدَّثنا ابنُ عَوْنٍ عنِ الْقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ أنَّ عائِشَةَ اشْتَكَتْ فَجاءَ ابنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا أمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقْدَمِينَ علَى فَرَطِ صِدْقٍ علَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعلَى أبِي بَكْرٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ابْن عَبَّاس قطع لعَائِشَة بِدُخُول الْجنَّة، إِذْ لَا يُقَال ذَلِك إلاَّ بتوقيف، وَهَذِه فَضِيلَة عَظِيمَة.
وَابْن عون، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو: عبد الله الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن ابْن الْمثنى نَحوه.

قَوْله: ( اشتكت) ، أَي: ضعفت.
قَوْله: ( تقدمين) ، بِفَتْح الدَّال.
قَوْله: ( على فرط) ، بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء: وَهُوَ الْمُتَقَدّم من كل شَيْء.
وَيُقَال: الفرط الفارط أَي: السَّابِق إِلَى المَاء والمنزل.
قَوْله: ( صدق) ، صفة فرط أَي: صَادِق، وَهُوَ عبارَة عَن الْحسن.
قَالَ تَعَالَى: { فِي مقْعد صدق} ( الْقَمَر: 55) .
قَوْله: ( على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بدل مِنْهُ بتكرير الْعَامِل، وَحَاصِل الْمَعْنى: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر قد سبقاك وَأَنت تلحقينهما، وهما قد هيئا لَك الْمنزل فِي الْجنَّة فَلَا تحملي الْهم وافرحي بذلك.





[ قــ :3596 ... غــ :377 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عنِ الحَكَمِ سَمِعْتُ أبَا وَائِلٍ قَالَ لمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارَاً والحَسَنَ إلَى الكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ إنِّي لأَعْلَمُ أنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ ولاكِنَّ الله ابْتَلاَكُمْ تَتَّبِعُونَهُ أوْ إيَّاهَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( إِنَّهَا) أَي: إِن عَائِشَة ( زَوجته) أَي: زَوْجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) وَفِي هَذَا فضل عَظِيم لَهَا.

وغندر هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَالْحكم هُوَ ابْن عتيبة وَأَبُو وَائِل هُوَ شَقِيق.
قَوْله: ( بعث عليٌّ) أَي: عَليّ بن أبي طَالب، وَكَانَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بعث عمار بن يَاسر وَالْحسن ابْنه إِلَى الْكُوفَة لأجل نصرته فِي مقاتلة كَانَت بَينه وَبَين عَائِشَة بِالْبَصْرَةِ، وَيُسمى: بِيَوْم الْجمل، بِالْجِيم.
قَوْله: ( ليستنفرهم) ، أَي: ليستنجدهم ويستنصرهم من الاستنفار وَهُوَ الاستنجاد والاستنصار.
قَوْله: ( خطب) ، جَوَاب: لما.
قَوْله: ( أَنَّهَا:) أَي أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وروى ابْن حبَان من طَرِيق سعيد بن كثير عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: أما ترْضينَ أَن تَكُونِي زَوْجَتي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة؟ قَوْله: ( تتبعونه) ، أَي: تتبعون عليا أَو تتبعون إِيَّاهَا، أَي: عَائِشَة.
قيل: الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: تتبعونه، يرجع إِلَى الله تَعَالَى، وَالْمرَاد بِاتِّبَاع حكمه الشَّرْعِيّ فِي طَاعَة الإِمَام وَعدم الْخُرُوج عَلَيْهِ.
فَإِن قلت: خَاطب الله تَعَالَى أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: { قرن فِي بيوتكن} ( الْأَحْزَاب: 33) .
وَلِهَذَا قَالَت أم سَلمَة: لَا يحركني ظهر بعير حَتَّى ألْقى الله تَعَالَى.
قلت: كَانَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، متأولة هِيَ وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر، وَكَانَ مُرَادهم إِيقَاع الْإِصْلَاح بَين النَّاس وَأخذ الْقصاص من قتلة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.





[ قــ :3597 ... غــ :3773 ]
- حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا أبُو أسَامَةَ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّها اسْتَعَارَتْ مِنْ أسْماءَ قِلادَةً فهَلَكَتْ فأرْسَلَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناسَاً مِنْ أصْحَابِهِ فِي طلَبِهَا فأدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرٍ وُضُوءٍ فلَمَّا أتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَكَوْا ذالِكَ إلَيْهِ فنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ جَزَاكِ الله خَيْرَاً فَوالله مَا نَزَلَ بِكِ أمْرٌ قَطُّ إلاَّ جعَلَ الله لَكِ مِنْهُ مَخْرَجَاً وجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم من قَوْله: ( جَزَاك الله خيرا) إِلَى آخِره.
وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة يروي عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير.
والْحَدِيث مُرْسل لِأَن عُرْوَة تَابِعِيّ والْحَدِيث مر بِطُولِهِ فِي أول كتاب التَّيَمُّم.

قَوْله: ( من أَسمَاء) ، هِيَ أُخْت عَائِشَة، والقلادة وَالْعقد بِكَسْر الْعين وَاحِد، وَهُوَ كل مَا يعْقد ويعلق فِي الْعُنُق.
فَإِن قلت: قَالَت فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: عقدا لي وَهَذَا يخلف قَوْلهَا: استعارت.
قلت: لَا مُخَالفَة فِي الْحَقِيقَة لِأَنَّهَا ملك لأسماء وإضافته فِي تِلْكَ الرِّوَايَة إِلَى نَفسهَا لكَونه فِي يَدهَا.
قَوْله: ( فَهَلَكت) ، أَي: ضَاعَت.
قَوْله: ( أسيد) ، بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين ( وحضير) ، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة: الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ.
قَوْله: ( فصلوا بِغَيْر وضوء) ، قَالَ النَّوَوِيّ: فِيهِ دَلِيل على أَن من عَدِمَ المَاء وَالتُّرَاب يُصَلِّي على حَاله، وَللشَّافِعِيّ فِيهِ أَرْبَعَة أَقْوَال، أَصَحهَا: أَنه يجب عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي وَيجب أَن يُعِيدهَا.
وَالثَّانِي: تحرم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَتجب الْإِعَادَة.
وَالثَّالِث: لَا تجب عَلَيْهِ وَلَكِن تسْتَحب وَيجب الْقَضَاء.
الرَّابِع: تجب الصَّلَاة وَلَا تجب الْإِعَادَة، وَهَذَا مَذْهَب الْمُزنِيّ، وَعند أبي حنيفَة: يمسك عَن الصَّلَاة وَلَا يجب عَلَيْهِ التَّشَبُّه، وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: يجب التَّشَبُّه، وَلَا خلاف فِي الْقَضَاء.





[ قــ :3598 ... غــ :3774 ]
- حدَّثني عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمَّا كانَ فِي مَرَضِهِ جعَلَ يَدُورُ فِي نِسائِهِ ويَقُولُ أيْنَ أنَا غدَاً أَيْن أَنا غَدا حِرْصاً علَى بَيْتِ عائِشَةَ قالَتْ عائِشَةُ فلَمَّا كانَ يَوْمِي سَكَنَ.
.


هَذَا الْإِسْنَاد بِعَين الْإِسْنَاد الأول وَهُوَ أَيْضا مُرْسل، قيل: ظَاهره كَذَا، وَلَكِن قَول عَائِشَة فِي آخر الحَدِيث: قَالَت عَائِشَة، يُوضح أَن كُله مَوْصُول.

قَوْله: ( فِي مَرضه) أَي: مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: قَالَت: إِن كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليتفقد، يَقُول: أَيْن أَنا الْيَوْم؟ أَيْن أَنا غَدا؟ استبطاء ليَوْم عَائِشَة، وَهنا حرصاً أَي: لأجل حرصه على بَيت عَائِشَة.
قَوْله: ( فَلَمَّا كَانَ يومي سكن) ، قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: مَاتَ أَو سكت عَن هَذَا القَوْل،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الثَّانِي هُوَ الصَّحِيح، وَالْأول خطأ صَرِيح.
قلت: الْخَطَأ الصَّرِيح تخطئته، لِأَن فِي رِوَايَة مُسلم: فَلَمَّا كَانَ يومي قَبضه الله بَين سحرِي وَنَحْرِي، وَالسحر، بِفَتْح السِّين وَضمّهَا وَإِسْكَان الْحَاء: الرئة وَمَا تعلق بهَا.





[ قــ :3599 ... غــ :3775 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الوهَّابِ حدَّثنا حَمَّادٌ حدَّثنا هِشَامٌ عنْ أبِيهِ قَالَ كانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عائِشةَ قالَتْ عائِشَةُ فاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سلَمَةَ فقُلْنَ يَا أُمَّ سلَمَةَ وَالله إنَّ النَّاسَ يتَحَرَّوْنَ بِهَدَاياهُمْ يَوْمَ عائِشَةَ وإنَّا نُرِيدُ الخَيْرَ كَما تُرِيدُهُ عائِشَةُ فَمُرِي رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يأمُرَ النَّاسَ أنْ يُهْدُوا إلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ أوْحيْتُ مَا دَارَ قالَتْ فذَكَرَتْ ذالِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلْنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ فأعْرَضَ عَنِّي فلَمَّا عادَ إلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فأعْرَضَ عَنِّي فلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ يَا أُمَّ سلَمَةَ لاَ تُؤْذِينِي فِي عائِشَةَ فإنَّهُ وَالله مَا نزَلَ علَيَّ الوَحْيُ وأنَا فِي لِحافِ امْرَأةٍ مِنْكُنَّ غيْرَهَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( لَا تؤذيني فِي عَائِشَة) إِلَى آخِره.
وَعبد الله بن عبد الْوَهَّاب أَبُو مُحَمَّد الحَجبي الْبَصْرِيّ، مَاتَ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أَفْرَاده، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَهِشَام يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الْهِبَة فِي: بابُُ قبُول الْهَدِيَّة، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( يتحرون) ، أَي: يقصدون ويجتهدون.
قَوْله: ( وَإِنَّا نُرِيد الْخَيْر) ، بنُون الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر، وَأم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ وَاسْمهَا: هِنْد، وَقد مر غير مرّة.
قَوْله: ( فمري) أَي: قولي، وَبِه يسْتَدلّ على أَن الْعُلُوّ والاستعلاء لَا يشْتَرط فِي الْأَمر.
قَوْله: ( فِي لِحَاف) ، وَهُوَ اسْم مَا يتغطى بِهِ، قَالَ الْكرْمَانِي: والمعتنون بِهَذَا الْكتاب من الشُّيُوخ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ضبطوه فَقَالُوا: هَهُنَا منتصف الْكتاب، أَي: كتاب البُخَارِيّ.
وَبابُُ مَنَاقِب الْأَنْصَار هُوَ ابْتِدَاء النّصْف الْأَخير مِنْهُ.