فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب نحر البدن قائمة

( بابُُ نَحْرِ الْبُدُنِ قَائِمَةً)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان نحر الْبدن حَال كَونهَا قَائِمَة.
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( قيَاما) .

وَقَالَ ابنُ عُمعرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُنَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَفِي بعض النّسخ:.

     وَقَالَ  ابْن عمر: سنة مُحَمَّد، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَهَذَا التَّعْلِيق قد ذكره مَوْصُولا فِي الْبابُُ السَّابِق.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا صَوَافَّ قِياما

أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير لفظ: صواف، الَّذِي فِي قَوْله تَعَالَى: { فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صواف} ( الْحَج: 63) .
أَي: قيَاما.
كَذَا أخرجه سعيد ابْن مَنْصُور عَن ابْن عُيَيْنَة فِي ( تَفْسِيره) عَن عبد الله بن أبي يزِيد عَنهُ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: { فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صواف} ( الْحَج: 63) .
قَالَ: قيَاما، وصواف، بتَشْديد الْفَاء: جمع صافة، بِمَعْنى: مصطفة فِي قِيَامهَا.
وَفِي ( مُسْتَدْرك) الْحَاكِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فِي قَوْله تَعَالَى: { صَوَافِن} أَي: قيَاما على ثَلَاثَة قَوَائِم معقولة، وَهِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وصوافن بِكَسْر الْفَاء، وَفِي آخِره نون جمع صافنة، وَهِي الَّتِي رفعت إِحْدَى يَديهَا بِالْعقلِ لِئَلَّا تضطرب، وَعَن إِبْرَاهِيم وَمُجاهد، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: الصَّواف على أَرْبَعَة، والصوافن على ثَلَاثَة، وَعَن طَاوُوس وَمُجاهد: الصَّواف تنحر قيَاما.



[ قــ :1641 ... غــ :1714 ]
- حدَّثنا سَهْلُ بنُ بَكَّارٍ قَالَ حدَّثنا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ عنْ أبِي قِلاَبَةَ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ صلَّى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظُّهْرَ بِالمَدِينَةِ أرْبَعا والْعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَباتَ بِهَا فلَمَّا أصْبَحَ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فجَعَلَ يُهَلِّلُ ويُسَبِّحُ فلَمَّا عَلاَ عَلى البَيْدَاءِ لَبَّى بِهِمَا جَمِيعا فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ أمَرَهُمْ أنْ يَحِلُّوا ونَحَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِياما وضَحَّى بِالمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَنحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ سبع بدن قيَاما) ، وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث مُخْتَصرا بِهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه فِي: بابُُ من نحر بِيَدِهِ، قبل هَذَا الْبابُُ بِبابُُ، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ أَن هَذَا الْبابُُ، أَعنِي: بابُُ من نحر بِيَدِهِ غير مَوْجُود إلاَّ فِي رِوَايَة أبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن الْمُسْتَمْلِي، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصىً.

قَوْله: ( فَبَاتَ بهَا، فَلَمَّا أصبح) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( فَبَاتَ بهَا حَتَّى أصبح) أَي: فَبَاتَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِذِي الحليفة، إِلَى أَن أصبح.
قَوْله: ( لبّى بهما) ، أَي: بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة، وَهَذَا يُصَرح بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قَارنا، وَلَا اعْتِبَار لتأويل من يؤول أَن معنى قَوْله: ( فلبى بهما) أَمر من أهل بالقران لِأَنَّهُ كَانَ هُوَ مُفردا، لِأَنَّهُ خُرُوج عَن معنى يَقْتَضِيهِ التَّرْكِيب إِلَى معنى غير صَحِيح، يظْهر ذَلِك بِأَدْنَى تَأمل.
قَوْله: ( أَمرهم أَن يحلوا) يَعْنِي: لمن لم يكن مَعَهم الْهَدْي.
قَوْله: ( سبع بدن) كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة وَغَيرهَا: ( سَبْعَة بدن) ، وَقد ذكرنَا وَجهه فِي: بابُُ من نحر بِيَدِهِ.
قَوْله: ( قيَاما) نصب على الْحَال بِمَعْنى قَائِمَة.





[ قــ :1641 ... غــ :1715 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ عنْ أيُّوبَ عنْ أبِي قِلاَبَةَ عنْ أنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ صَلَّى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظُّهْرَ بِالمَدِينَةِ أرْبَعا والْعَصْرَ بِذي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي صدر حَدِيث أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْمَذْكُور قبله فَإِنَّهُ أخرجه قبله عَن سُهَيْل بن بكار عَن وهيب ابْن خَالِد عَن أَيُّوب، وَهَذَا أخرجه عَن مُسَدّد عَن إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن أبي قلَابَة عبد الله ابْن زيد، وَقد ذكرنَا فِي: بابُُ من نحر بِيَدِهِ، أَن البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرج هَذَا الحَدِيث عَن جمَاعَة مفرقا مُخْتَصرا وَمُطَولًا.

وعَنْ أيُّوبَ عنْ رَجُلٍ عَنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أصْبَحَ فَصَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ رَكِبَ رَحِلَتَهْ حَتَّى إذَا اسْتَوَتْ بِهِ الْبَيْدَاءَ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ.

قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ إِسْنَاد مَجْهُول، لكنه مَذْكُور على سَبِيل الْمُتَابَعَة، وَيحْتَمل فِي المتابعات مَا لَا يحْتَمل فِي الْأُصُول، وَقيل: المُرَاد بِهِ أَبُو قلَابَة.
انْتهى.
وَنقل صَاحب ( التلويج) عَن الدَّاودِيّ أَنه قَالَ فِي آخِره: لَيْسَ بِمُسْنَد، لِأَن بَين أَيُّوب وَأنس رجل مَجْهُول، وَلَو كَانَ عَن أبي قلَابَة مَحْفُوظًا لم يكنِّ عَنهُ لجلالة أبي قلَابَة وثقته، وَإِنَّمَا يُكنَّى عَمَّن فِيهِ نظر.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يكون أَيُّوب نَسيَه، وَهُوَ ثِقَة.
بل هُوَ أولى أَن يحمل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم علم أَن فِيهِ نظرا لوَجَبَ عَلَيْهِ أَن يذكر اسْمه، أَو يسْقط حَدِيثه لَا يرويهِ الْبَتَّةَ.
انْتهى.
وَقيل: أَشَارَ بِهِ إِلَى اخْتِلَاف إِسْمَاعِيل بن علية ووهيب بن خَالِد عَن أَيُّوب، فساق وهيب عَنهُ بِإِسْنَاد وَاحِد، وَهُوَ الَّذِي روى عَن وهيب سهل بن بكار شيخ البُخَارِيّ.
وَإِسْمَاعِيل روى مرّة عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس وَهُوَ الَّذِي روى عَنهُ مُسَدّد شيخ البُخَارِيّ الْمَذْكُور آنِفا، وَمرَّة روى إِسْمَاعِيل عَن أَيُّوب عَن رجل عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذِه الطَّرِيقَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا البُخَارِيّ، بقوله: وَعَن أَيُّوب عَن رجل عَن أنس، أَي: وروى إِسْمَاعِيل عَن أَيُّوب عَن رجل عَن أنس.
فَافْهَم.