فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب جهاد النساء

( بابُُ جِهَادِ النِّساءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جِهَاد النِّسَاء.

[ قــ :2748 ... غــ :2875 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قَالَ أخبرنَا سُفْيَانُ عنْ مُعَاوِيَةَ بنِ إسْحَاقَ عنْ عائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عنْ عائِشَةَ أُمِّ الْمُؤمِنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتِ اسْتَأذَنْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الجِهَادِ فَقَالَ جِهادُكُنَّ الحَجُّ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَين أَن جِهَاد النِّسَاء الْحَج، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَمُعَاوِيَة ابْن إِسْحَاق بن طَلْحَة بن عبيد الله الْقرشِي التَّيْمِيّ، سمع عمته عَائِشَة بنت طَلْحَة، وَقد تقدم فِي أول الْجِهَاد عَن عَائِشَة بنت طَلْحَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله، نرى الْجِهَاد أفضل الْعَمَل أَفلا نجاهد؟ قَالَ: ( لَكِن أفضل الْجِهَاد حج مبرور) .
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

وَقَالَ عَبْدُ الله بنُ الوَلِيدِ: قَالَ: حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ مُعاوِيَةَ بِهَذَا

عبد الله بن الْوَلِيد الْعَدنِي، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَمُعَاوِيَة هُوَ ابْن إِسْحَاق بن طَلْحَة الْمَذْكُور آنِفا، وَهَذَا التَّعْلِيق مَوْصُول فِي ( جَامع) سُفْيَان.





[ قــ :749 ... غــ :876 ]
- حدَّثنا قَبِيصَةُ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ مُعَاوِيَةَ بِهَذَا.

هَذَا إِسْنَاد آخر عَن سُفْيَان عَن مُعَاوِيَة بِهَذَا الحَدِيث
وعنْ حَبِيبِ ابنِ أبِي عَمْرَةَ عنْ عائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عنْ عائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِنينَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سألَهُ نِساؤُهُ عنِ الجِهَادِ فَقَالَ نِعْمَ الجِهَادُ الحَجُّ.
.

رِوَايَة حبيب بن أبي عمْرَة هَذِه مَوْصُولَة من رِوَايَة قبيصَة الْمَذْكُورَة،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: هَذَا دَال على أَن النِّسَاء لَا جِهَاد عَلَيْهِنَّ، وأنهن غير داخلات فِي قَوْله تَعَالَى: { انفروا خفافاً وثقالاً} ( التَّوْبَة: 14) .
وَهُوَ إِجْمَاع، وَلَيْسَ فِي قَوْله: ( جهادكن الْحَج) أَنه لَيْسَ لَهُنَّ أَن يتطوعن بِهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنه الْأَفْضَل لَهُنَّ، وَسَببه أَنَّهُنَّ لسن من أهل الْقِتَال لِلْعَدو، وَلَا قدرَة لَهُنَّ عَلَيْهِ وَلَا قيام بِهِ، وَلَيْسَ للْمَرْأَة أفضل من الاستتار وَترك مُبَاشرَة الرِّجَال بِغَيْر قتال، فَكيف فِي حَال الْقِتَال الَّتِي هِيَ أصعب؟ وَالْحج يمكنهن فِيهِ بمجانبة الرِّجَال، والاستتار عَنْهُن، فَلذَلِك كَانَ أفضل لَهُنَّ من الْجِهَاد.



( بابُُ غَزْوِ المَرْأةِ فِي البَحْرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان غَزْو الْمَرْأَة فِي الْبَحْر.



[ قــ :749 ... غــ :878 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا مُعاوِيَةُ بنُ عُمَرٍ قَالَ حدَّثنا أَبُو إسْحَاقَ عنْ عَبْدِ الله بنِ عبْدِ الرَّحْمانِ الأنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أنَساً رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُولُ دَخَلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى ابْنَةِ مِلْحَانَ فاتَّكأ عِنْدَهَا ثُمَّ ضَحِكَ فَقالَتْ لِمَ تَضْحَكُ يَا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ناسٌ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ البَحْرَ الأخْضَرَ فِي سَبِيلِ الله مَثَلُهُمْ مَثَلُ الْمُلُوكِ علَى الأسِرَّةِ فقالَتْ يَا رسولَ الله ادْعُ الله أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ ثُمَّ عادَ فَضَحِكَ فقَالَتْ لَهُ مِثْلَ أوْ مِمَّ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ فقالَتِ ادْعُ الله أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أنْتِ مِنَ الأوَّلِينَ ولَسْتِ مِنَ الآخَرِينَ قَالَ قَالَ أنَسٌ فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ فَرَكِبَتِ البَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ فَلَمَّا قَفَلَتْ رَكِبَتْ دَابَّتَهَا فَوَقَصَتْ بِهَا فَسَقَطَتْ عَنْهَا فَماتَتْ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الله بن مُحَمَّد هُوَ المسندي، وَمُعَاوِيَة بن عَمْرو الْأَزْدِيّ، وَأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن الْحَارِث الْفَزارِيّ، وَقد تقدم الحَدِيث عَن قريب فِي: بابُُ من يصرع فِي سَبِيل الله.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : سقط فِي البُخَارِيّ هُنَا بَين أبي إِسْحَاق وَعبد الله الْأنْصَارِيّ الرَّاوِي عَن أنس زَائِدَة بن قدامَة الثَّقَفِيّ، نبه عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي.
وَأجِيب: بِأَن هَذَا تحكم بِلَا دَلِيل، كَيفَ وَقد ثَبت سَماع أبي إِسْحَاق من عبد الله بن عبد الرَّحْمَن.

قَوْله: ( ابْنة ملْحَان) هِيَ أم حرَام خَالَة أنس بن مَالك.
قَوْله: ( قَالَ: قَالَ أنس) أَي: قَالَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن: قَالَ أنس بن مَالك.
قَوْله: ( فَتزوّجت) ، أَي: ابْنة ملْحَان تزوجت عبَادَة بن الصَّامِت، ظَاهره أَنَّهَا تزوجته بعد هَذِه الْمقَالة، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي إِسْحَاق عَن أنس فِي أول الْجِهَاد لفظ: وَكَانَت أم حرَام تَحت عبَادَة بن الصَّامِت، فَدخل عَلَيْهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَظَاهره هَذَا أَنَّهَا كَانَت حِينَئِذٍ زَوجته، ووفق ابْن التِّين بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن يحمل على أَنَّهَا كَانَت، زَوجته ثمَّ طَلقهَا ثمَّ رَاجعهَا بعد ذَلِك، وَقيل: يحمل قَوْله فِي رِوَايَة أبي إِسْحَاق: وَكَانَت تَحت عبَادَة، جملَة مُعْتَرضَة أَرَادَ الرَّاوِي وصفهَا بِهِ غير مُقَيّد بِحَال من الْأَحْوَال وَفِيه تَأمل.
قَوْله: ( فركبت الْبَحْر مَعَ بنت قرظة) ، بِالْقَافِ وَالرَّاء والظاء الْمُعْجَمَة المفتوحات، وَاسْمهَا: فَاخِتَة، بِالْفَاءِ وَكسر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَقيل: كنُود، امْرَأَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، كَانَ مُعَاوِيَة أَخذهَا مَعَه لما غزا قبرس فِي الْبَحْر سنة ثَمَان وَعشْرين، وَكَانَ مُعَاوِيَة أول من ركب الْبَحْر للغزاة فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وقرظة بن عبد عَمْرو بن نَوْفَل بن عبد منَاف، صرح بذلك خَليفَة بن خياط فِي ( تَارِيخه) وَغَيره، وَقد وهم من قَالَ: إِنَّهَا بنت قرظة بن كَعْب الْأنْصَارِيّ، وَذكر البلاذري فِي ( تَارِيخه) : أَن قرظة بن عبد عَمْرو مَاتَ كَافِرًا ولبنتها رُؤْيَة، وَكَذَا لأَخِيهَا مُسلم بن قرظة الَّذِي قتل يَوْم الْجمل مَعَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.