فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: كيف يرد على أهل الذمة السلام

( بابُُ كَيْفَ يُرَدُّ عَلى أهْلِ الذِّمَّةِ السَّلاَمُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كَيْفيَّة رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة، وَفِيه إِشْعَار بِأَن رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة لَا يمْنَع، فَلذَلِك ترْجم بالكيفية.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: قَالَ قوم: رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة فرض لعُمُوم قَوْله تَعَالَى: { وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة} ( النِّسَاء: 86)
الْآيَة، وَثَبت عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: من سلم عَلَيْك فَرده وَلَو كَانَ مجوسياً، وَبِه قَالَ الشّعبِيّ وَقَتَادَة، وَمنع من ذَلِك مَالك وَالْجُمْهُور،.

     وَقَالَ  عَطاء: الْآيَة مَخْصُوصَة بِالْمُسْلِمين فَلَا يرد السَّلَام على الْكَافرين مُطلقًا.



[ قــ :5926 ... غــ :6256 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَةُ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: السامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُها فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ واللَّعْنَة، فَقَالَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَهْلاً يَا عائِشَةُ { فإِنَّ الله يُحِبُّ الرّفْقَ فِي الأمْرِ كُلّه.
فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله}
أوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قالُوا؟ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَقَدْ قُلْتُ.
وعَلَيْكُمْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ كَيْفيَّة رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَقد مضى الحَدِيث فِي كتاب الْأَدَب فِي: بابُُ لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحِشا.

قَوْله: ( السام) الْمَوْت وَقيل: الْمَوْت العاجل.
قَوْله: ( فَقلت: وَعَلَيْكُم السام واللعنة) وَفِي رِوَايَة ابْن أبي مليكَة عَنْهَا، فَقَالَت: عَلَيْكُم ولعنكم الله وَغَضب عَلَيْكُم، وَقد تقدم فِي أَوَائِل الْأَدَب.
وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق آخر: بل عَلَيْكُم السام والذام بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ لُغَة فِي الذَّم خلاف الْمَدْح.





[ قــ :597 ... غــ :657 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عَنْ عَبْدِ الله بنِ دِينارٍ عَنْ عَبْدِ الله بن عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ اليَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أحَدُهُمُ: السَّامُ عَلَيْكَ.
فَقُلْ: وَعَلَيْكَ.
( انْظُر الحَدِيث 657 طرفه فِي: 698) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ كَيْفيَّة رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة.

قَوْله: ( فَقل: وَعَلَيْك) ، ذكر هُنَا بِالْوَاو وَفِي ( الْمُوَطَّأ) بِلَا وَاو،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: بِالْوَاو على ظَاهره أَي: وَعَلَيْك الْمَوْت أَيْضا أَي: نَحن وَأَنْتُم فِيهِ سَوَاء كلنا نموت، وَكَذَا الْكَلَام فِي: ( وَعَلَيْكُم) فِي الحَدِيث السَّابِق، وَقيل: الْوَاو فِيهِ للاستئناف لَا للْعَطْف، وَتَقْدِيره: عَلَيْكُم مَا تستحقونه من الذَّم،.

     وَقَالَ  القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ: مَعْنَاهُ وَأَقُول: عَلَيْكُم مَا تُرِيدُونَ بِنَا أَو مَا تستحقونه.
وَلَا يكون، وَعَلَيْكُم عطفا على: عَلَيْكُم فِي كَلَامهم، وإلاَّ لتضمن ذَلِك تَقْرِير دُعَائِهِمْ.



[ قــ :598 ... غــ :658 ]
- حدَّثنا عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ حَدثنَا هُشَيْمٌ أخبرنَا عُبَيْدُ الله بنُ أبي بَكْرِ بنِ أنَسٍ حَدثنَا أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أهْلُ الكِتاب فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ.
( انْظُر الحَدِيث 658 طرفه فِي: 696) .


مطابقته للتَّرْجَمَة مثل الْمُطَابقَة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث السَّابِق.
وهشيم مصغر هشم ابْن بشير الوَاسِطِيّ، وَعبيد الله بِضَم الْعين ابْن أبي بكر بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ يروي عَن جده أنس بن مَالك.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.
وَقيل: يَقُول: ( وَعَلَيْكُم السَّلَام) بِكَسْر السِّين يَعْنِي الْحِجَارَة، ورده أَبُو عمر بِأَنَّهُ لم يشرع لنا سبُّ أهل الذِّمَّة، وروى أَبُو عمر عَن طَاوُوس قَالَ: يَقُول: ( وعلاكم السَّلَام) بِالْألف أَي: ارْتَفع، ورده أَبُو عمر أَيْضا، وَذهب جمَاعَة من السّلف إِلَى أَنه يجوز أَن يُقَال فِي الرَّد عَلَيْهِم: عَلَيْكُم السَّلَام، كَمَا يرد على الْمُسلم، وَاحْتج بَعضهم بقوله عز وَجل: { فاصفح عَنْهُم وَقل سَلام} ( الزخرف: 89) وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ وَجها عَن بعض الشَّافِعِيَّة، لَكِن لَا يَقُول: ( وَرَحْمَة الله) وَقيل: يجوز مُطلقًا، وَعَن ابْن عَبَّاس وعلقمة يجوز ذَلِك عِنْد الضَّرُورَة، وَعَن طَائِفَة من السّلف: لَا يرد السَّلَام أصلا، وَعَن بَعضهم: التَّفْرِقَة بَين أهل الذِّمَّة وَأهل الْحَرْب.