فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب شدة المرض

( بابُُ شِدَّةِ المَرَضِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا فِي شدَّة الْمَرَض من الْفضل.



[ قــ :5346 ... غــ :5646 ]
- حدّثنا قَبِيصَةُ حَدثنَا سُفْيانُ عنِ الأعْمَشِ، وحدّثني بشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا شُعْبَةُ عنِ الأعْمَشِ عنْ أبي وائِلٍ عنْ مَسْرُوقٍ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: مَا رأيْتُ أحَداً أشَدَّ عَلَيْهِ الوَجَعُ مِنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن قبيصَة بن عقبَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة.
وَالْآخر: عَن بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد السّخْتِيَانِيّ الْمروزِي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش ... إِلَى آخِره.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَغَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ وَفِي الْوَفَاة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير بِهِ.

قَوْله: ( الوجع) أَي: الْمَرَض، وَالْعرب تسمي كل وجع مَرضا، وَقد خص الله تَعَالَى أنبياءه بِشدَّة الأوجاع والأوصاب لما خصهم بِهِ من قُوَّة الْيَقِين وَشدَّة الصَّبْر والاحتساب ليكمل لَهُم الثَّوَاب ويعم لَهُم الْخَيْر.





[ قــ :5347 ... غــ :5647 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حَدثنَا سُفْيَانُ عنِ الأعْمَشِ عَن إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عنِ الحارِثِ بنِ سُوَيْدٍ عنْ عَبْدِ الله، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرَضِهِ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكاً شَدِيداً، وقُلْتُ: إنَّكَ لَتُوعَكُ وعْكاً شَديداً { قُلْتُ: إنَّ ذَاكَ بِأنَّ لَكَ أجْرَيْنِ؟ قَالَ: أجَلْ مَا مِنْ مُسْلِم يُصِيبُهُ أَذَى إلاَّ حاتَّ الله عنهُ خَطاياهُ كَما تحاتُّ ورَقُ الشَّجَرِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَهُوَ يوعك وعكاً شَدِيدا) لِأَن الوعك الَّذِي هُوَ الْحمى مرض شَدِيد.

وَمُحَمّد بن يُوسُف هُوَ الْفرْيَابِيّ، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ هُوَ إِبْرَاهِيم بن يزِيد بن شريك التَّيْمِيّ تيم الربابُُ الْكُوفِي، والْحَارث ابْن سُوَيْد بِضَم السِّين الْمُهْملَة مصغر السود الْكُوفِي، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَغَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ عَن أبي كريب وَغَيره.

قَوْله: ( وَهُوَ يوعك) جملَة حَالية بِفَتْح الْعين، يُقَال: وعك}
الرجل يوعك فَهُوَ موعوك، والوعك بِسُكُون الْعين وَفتحهَا الْحمى، وَقيل: ألمها وتعبها.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْمطَالع) : الوعك قيل: هُوَ إرعاد الْحمى وتحريكه إِيَّاه.
.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: الوعك شدَّة الْحر فَكَأَنَّهُ أَرَادَ حر الْحمى وشدتها، وَفِي ( الْمُحكم) : الوعك الْأَلَم يجده الْإِنْسَان من شدَّة التَّعَب.
قَوْله: ( إِن ذَاك) لفظ: ذَاك، إِشَارَة إِلَى تضَاعف الْحمى.
قَوْله: ( أجل) أَي: نعم.
قَوْله: ( حات الله) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَبعد الْألف تَاء مثناة مُشَدّدَة وَهُوَ من بابُُ المفاعلة، وَأَصله حاتت فأدغمت التَّاء فِي التَّاء أَي: نثر الله عَنهُ خطاياه، يُقَال: تحات الشَّيْء أَي: تناثر.
قَوْله: ( كَمَا تحات) أَي: كَمَا يسْقط ورق الشّجر،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: حاتت عَنهُ ذنُوبه أَي: تساقطت،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي.
فَإِن قلت: هَذَا يدل على مَا صدقه بقوله: أجل، إِذْ ذَاك يدل على أَن فِي الْمَرَض زِيَادَة الْحَسَنَات، وَهَذَا يدل على أَنه يحط الخطيئات؟ قلت: أجل تَصْدِيق لذَلِك الْخَبَر فَصدقهُ أَو لأثم اسْتَأْنف الْكَلَام وَزَاد عَلَيْهِ شَيْئا آخر وَهُوَ حط السَّيِّئَات، فَكَأَنَّهُ قَالَ: نعم يزِيد الدَّرَجَات ويحط الخطيئات أَيْضا.

وَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَقَالَ أَكْثَرهم: فِيهِ رفع الدرجَة وَحط الْخَطِيئَة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: إِنَّه يكفر الْخَطِيئَة فَقَط.