فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب حج الصبيان

( بابُُ حَجَّةِ الصِّبْيَانِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر حجَّة الصّبيان فِي الْأَحَادِيث الَّتِي يذكرهَا فِي هَذَا الْبابُُ،.

     وَقَالَ  بَعضهم: قَوْله: بابُُ حجَّة الصّبيان، أَي مشروعيته.
قلت: كَيفَ يَقُول هَكَذَا على الْإِطْلَاق، وَلَيْسَ فِي أَحَادِيث الْبابُُ شَيْء يدل صَرِيحًا على مَشْرُوعِيَّة حجتهم وَلَا عدم مشروعيته؟ فَلذَلِك أطلق البُخَارِيّ كَلَامه فِي التَّرْجَمَة وَمَا حكم بِشَيْء.
فَإِن قلت: روى مُسلم من حَدِيث كريب مولى ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس: ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي ركبا بِالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: من الْقَوْم قَالُوا الْمُسلمُونَ فَقَالُوا من أَنْت قَالَ رَسُول الله فَرفعت إِلَيْهِ امْرَأَة صَبيا فَقَالَت لهَذَا حج قَالَ نعم، وَلَك أجر) .
قلت: الظَّاهِر أَنه لَيْسَ على شَرط.
فَلذَلِك لم يُخرجهُ أَو مَا وقف عَلَيْهِ، وَقد احْتج بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث دَاوُد وَأَصْحَابه من الظَّاهِرِيَّة وَطَائِفَة من أهل الحَدِيث على أَن الصَّبِي إِذا حج قبل بُلُوغه كفى ذَلِك عَن حجَّة الْإِسْلَام، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يحجّ حجَّة أُخْرَى عَن حجَّة الْإِسْلَام،.

     وَقَالَ  الْحسن الْبَصْرِيّ، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَمُجاهد وَالنَّخَعِيّ وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَآخَرُونَ من عُلَمَاء الْأَمْصَار: لَا يجزىء الصَّبِي مَا حجه عَن حجَّة الْإِسْلَام، وَعَلِيهِ بعد بُلُوغه حجَّة أُخْرَى.

وَفِي ( أَحْكَام ابْن بزيزة) : أما الصَّبِي فقد اخْتلف الْعلمَاء هَل ينْعَقد حجه أم لَا؟ والقائلون بِأَنَّهُ منعقدا اخْتلفُوا هَل يُجزئهُ عَن حجَّة الْفَرِيضَة إِذا بلغ وعقل أم لَا؟ فَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَدَاوُد إِلَى أَن حجه ينْعَقد،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: لَا ينْعَقد، وَاخْتلف هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ بانعقاده، فَقَالَ دَاوُد وَغَيره: يُجزئهُ عَن حجَّة الْفَرِيضَة بعد الْبلُوغ،.

     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يجْزِيه.
.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: وَكَانَ من الْحجَّة على هَؤُلَاءِ أَنه لَيْسَ فِي الحَدِيث إلاَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر أَن للصَّبِيّ حجا، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَنه إِذا حج يجزىء عَن حجَّة الْإِسْلَام.
فَإِن قلت: مَا الدَّلِيل على ذَلِك؟ قلت: قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( رفع الْقَلَم عَن ثَلَاثَة: عَن الصَّغِير حَتَّى يكبر) .
فَإِذا ثَبت أَن الْقَلَم مَرْفُوع عَنهُ ثَبت أَن الْحَج لَيْسَ بمكتوب عَلَيْهِ، كَمَا أَنه إِذا صلى فرضا ثمَّ بلغ بعد ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يُعِيدهَا، ثمَّ إِن عِنْد أبي حنيفَة إِذا أفسد الصَّبِي حجه لَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلَا فديَة عَلَيْهِ إِذا اصطاد صيدا.
.

     وَقَالَ  مَالك: يحجّ بِالصَّبِيِّ وَيَرْمِي عَنهُ ويجنب مَا يجتنبه الْكَبِير من الطّيب وَغَيره، فَإِن قوي على الطّواف وَالسَّعْي وَرمي الْجمار وإلاَّ طيف بِهِ مَحْمُولا، وَمَا أَصَابَهُ من صيد أَو لِبَاس أَو طيب فدى عَنهُ.
.

     وَقَالَ : الصَّغِير الَّذِي لَا يتَكَلَّم إِذا جرد يَنْوِي بتجريده الْإِحْرَام،.

     وَقَالَ  ابْن الْقَاسِم: يُغْنِيه تجريده عَن التَّلْبِيَة عَنهُ، فَإِن كَانَ يتَكَلَّم لبّى عَن نَفسه.



[ قــ :1770 ... غــ :1856 ]
- حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ أبِي يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ بعَثَنِي أوْ قَدَّمَنِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الثَّقَلِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.

( انْظُر الحَدِيث 7761 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ابْن عَبَّاس كَانَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خجه وَهُوَ مَا دون الْبلُوغ، فَدخل تَحت قَوْله: ( بابُُ حجَّة الصّبيان) ، والْحَدِيث مضى فِي: بابُُ من قدم ضعفة أَهله، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ عَن سُفْيَان عَن عبيد الله بن أبي يزِيد الحَدِيث.
وَأخرجه أَيْضا عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة، ( عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جمع بلَيْل) ، وَكَانَ ابْن عَبَّاس هُنَاكَ دون الْبلُوغ، وَلِهَذَا أردفه بحَديثه الآخر الْمُصَرّح فِيهِ بِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ قد قَارب الِاحْتِلَام، وَهَذَا يدل على أَن حجَّة الْإِسْلَام سَقَطت عَن ابْن عَبَّاس.

قَوْله: ( أَو قدمني) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( فِي الثّقل) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف الْمَفْتُوحَة وَهُوَ الْأَمْتِعَة، وَالْمرَاد هُنَا آلَات السّفر ومتاع الْمُسَافِرين.
قَوْله: ( من جمع) بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم، وَهُوَ: الْمزْدَلِفَة.





[ قــ :177 ... غــ :1858 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمانُ بنُ يُونُسَ قَالَ حدَّثنا حاتِمُ بنُ إسْمَاعِيلَ عنْ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ عنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيدَ قَالَ حُجَّ بِي معَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابنُ سَبْعِ سِنِينَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: عبد الرَّحْمَن بن يُونُس بن هَاشم أَبُو مُسلم الْمُسْتَمْلِي الرقي، مَاتَ سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: حَاتِم بن إِسْمَاعِيل أَبُو إِسْمَاعِيل الْكُوفِي، سكن الْمَدِينَة.
الثالت: مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الله بن يزِيد ابْن أُخْت نمر، وَأمه ابْنة السَّائِب بن يزِيد.
الرَّابِع: السَّائِب بن يزِيد بن سعد الْكِنْدِيّ، وَيُقَال الْأَسدي، وَيُقَال: اللَّيْثِيّ، وَيُقَال: الْهُذلِيّ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة إِحْدَى وَتِسْعين، وَهُوَ ابْن سِتّ وَتِسْعين.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: عَن مُحَمَّد بن يُوسُف وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف.
وَفِيه: رِوَايَة الرَّاوِي عَن جده لأمه.
لِأَن مُحَمَّد بن يُوسُف حفيد السَّائِب، وَقيل: سبطه، وَقيل: ابْن أَخِيه عبد الله بن يزِيد.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن قُتَيْبَة عَن حَاتِم بِهِ، وَزَاد فِي حجَّة الْوَدَاع،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
قَوْله: ( حج بِي) ، بِضَم الْحَاء على الْبناء للْمَجْهُول،.

     وَقَالَ  ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ عَن حَاتِم: ( حجت بِي أُمِّي) ، وروى الفاكهي من وَجه آخر عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن السَّائِب ( حج بِي أبي) قيل: وَيجمع بَينهمَا بِأَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبَوَيْهِ.
قلت: رِوَايَة البُخَارِيّ تحْتَمل الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ لم يذكر فِيهِ الْفَاعِل صَرِيحًا، وَقيل: فِيهِ صِحَة حج الصَّبِي وَإِن لم يكن مُمَيّزا، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ، وَاسْتدلَّ بِهِ بعض الشَّافِعِيَّة على أَن أم الصَّبِي تجزىء فِي الْإِحْرَام عَنهُ.
قلت: هَذَا لم يفهم من حَدِيث الْبابُُ، وَإِنَّمَا يُمكن الِاسْتِدْلَال بذلك من حَدِيث جَابر، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ،.

     وَقَالَ : حَدثنَا مُحَمَّد بن طريف الْكُوفِي حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن مُحَمَّد بن سوقة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر ( عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: رفعت امْرَأَة صَبيا لَهَا إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله! أَلِهَذَا حج؟ قَالَ: نعم، وَلَك أجر) .
وروى ابْن مَاجَه أَيْضا نَحوه،.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: حَدِيث جَابر حَدِيث غَرِيب، وَقد ذكرنَا حَدِيث ابْن عَبَّاس لمُسلم نَحوه فِي أول الْبابُُ، قَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله تَعَالَى: وَالصَّحِيح عِنْد أَصْحَاب الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه يحرم عَنهُ الْوَلِيّ الَّذِي يَلِيهِ مَاله وَهُوَ أَبوهُ أَو جده أَو الْوَصِيّ أَو الْقيم من جِهَة القَاضِي أَو القَاضِي، قَالُوا: وَأما الْأُم فَلَا يَصح إحرامها عَنهُ إلاَّ أَن تكون وَصِيَّة أَو قيمَة من جِهَة القَاضِي، وَأَجَابُوا عَن قَوْله: ( وَلَك أجر) أَن المُرَاد أَن ذَلِك بِسَبَب حملهَا لَهُ وتجنيبها إِيَّاه مَا يَفْعَله الْمحرم، وَأَيْضًا فَلَعَلَّ الْمَرْأَة كَانَت وَصِيَّة عَلَيْهِ أَو قيمَة عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي الحَدِيث أَنَّهَا أمه، وَيجوز أَن يكون فِي حجرها بِنَوْع ولَايَة وَاسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على أَن الصَّبِي يُثَاب على طَاعَته وَيكْتب لَهُ حَسَنَاته، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب فِيمَا حَكَاهُ الْمُحب الطَّبَرِيّ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي ( شرح مُسلم) عَن مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَالْجُمْهُور، وَفِي حَدِيث السَّائِب الْمَذْكُور صِحَة سَماع الصَّبِي الْمُمَيز، وَهُوَ كَذَلِك، وَخَالف فِي ذَلِك فرقة يسيرَة، وَأنكر أَحْمد على الْقَائِل بذلك،.

     وَقَالَ : قبح الله من يَقُول ذَلِك، وَالْمَسْأَلَة مقررة فِي عُلُوم الحَدِيث.

فَإِن قلت: فِي حَدِيث السَّائِب ذكر سنّ التَّمْيِيز، فَمَا دَلِيل من يصحح حج الصَّبِي إِذا لم يبلغ سنّ التَّمْيِيز؟ قلت: حَدِيث جَابر الْمَذْكُور فَإِن فِيهِ: ( فَرفعت امْرَأَة صَبيا) ، وَهَذَا أَعم من أَن يكون فِي سنّ التَّمْيِيز أَو أقل أَو أَكثر إِلَى حد الْبلُوغ، وَعَن الْمَالِكِيَّة قَولَانِ فِي الْحَج بالرضيع، وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَرُوِيَ أَن الصّديق حج بِابْن الزبير فِي خرقَة،.

     وَقَالَ  عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أحجوا هَذِه الذُّرِّيَّة، وَكَانَ ابْن عمر يجرد صبيانه عِنْد الْإِحْرَام وَيقف بهم المواقف، وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، تفعل ذَلِك، وَفعله عُرْوَة بن الزبير،.

     وَقَالَ  عَطاء: يجرد الصَّغِير ويلبي عَنهُ ويجنب مَا يجْتَنب الْكَبِير وَيَقْضِي عَنهُ كل شَيْء إلاَّ الصَّلَاة، فَإِن عقل الصَّلَاة صلاهَا، فَإِذا بلغ وَجب عَلَيْهِ الْحَج.

وَاخْتلفُوا فِي الصَّبِي العَبْد يُحرِمان بِالْحَجِّ ثمَّ يَحْتَلِم الصَّبِي وَيعتق العَبْد قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة، فَقَالَ مَالك: لَا سَبِيل إِلَى رفض الْإِحْرَام، ويتماديان عَلَيْهِ وَلَا يجزيهما عَن حجه الْإِسْلَام، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: إِذا نويا بإحرامهما الْمُتَقَدّم حجَّة الْإِسْلَام أجزأهما.
.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَيّمَا غُلَام حج بِهِ أَهله فَمَاتَ فقد قضى حجَّة الْإِسْلَام، فَإِن أدْرك فَعَلَيهِ الْحَج، وَأَيّمَا عبد حج بِهِ أَهله فَمَاتَ فقد قضى حجَّة الْإِسْلَام، فَإِن عتق فَعَلَيهِ الْحَج.





[ قــ :1773 ... غــ :1859 ]
- حدَّثنا عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ قَالَ أخبرنَا القَاسِمُ بنُ مالِكٍ عنِ الجُعَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ يَقُولْ لِلْسَّائِبِ بنِ يَزِيدَ وكانَ قدْ حُجَّ بِهِ فِي ثقَلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَكَانَ قد حج بِهِ) ، فَإِن السَّائِب كَانَ صَبيا حِين حج بِهِ، والترجمة فِي حج الصّبيان، و: عَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن زُرَارَة، بِضَم الزَّاي وَتَخْفِيف الرَّاء الأولى: ابْن وَاقد الْكلابِي النَّيْسَابُورِي، يكنى أَبَا مُحَمَّد.
قَالَ السراج: مَاتَ لعشر خلون من شَوَّال سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَالقَاسِم بن مَالك الْمُزنِيّ الْكُوفِي، والجعيد، بِضَم الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة مُصَغرًا أَو مكبرا: ابْن عبد الرَّحْمَن بن أَوْس الْكِنْدِيّ، وَيُقَال: التَّمِيمِي الْمدنِي، وَالَّذِي ذكر هُنَا أَن الجعيد، قَالَ: سَمِعت عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُول للسائب، وَلم يذكر مقول عمر وَلَا جَوَاب السَّائِب، وَذَلِكَ لِأَن مَقْصُوده الْإِعْلَام بِأَن السَّائِب حج بِهِ، وَهُوَ صَغِير، وَكَانَ أصل سُؤَاله عَن قدر الْمَدّ على مَا يَأْتِي فِي الْكَفَّارَات، عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن الْقَاسِم بن مَالك الجعيد بن عبد الرَّحْمَن عَن السَّائِب ابْن يزِيد قَالَ: كَانَ الصَّاع على عهد النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مدا وَثلثا بمدكم الْيَوْم، فزيد فِيهِ فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من هَذَا الْوَجْه، وَزَاد فِيهِ: ( قَالَ السَّائِب: وَقد حج فِي ثقل النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنا غُلَام) .
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: اللَّام فِي قَوْله: للسائب، بِمَعْنى لأجل، يَعْنِي: يَقُول لأَجله وَفِي حَقه، وَالْمقول: وَكَانَ السَّائِب ... إِلَى آخِره، واستبعده بَعضهم.
قلت: لَيْسَ مَا قَالَه بِبَعِيد فَإِن ظَاهر الْكَلَام يَقْتَضِي مَا ذكره لَا سِيمَا إِذا كَانَ الأَصْل مَا ذكره من غير إحالته على شَيْء آخر.
فَافْهَم.