فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قصة عمان والبحرين

( بابُ قِصَّةُ عُمَانَ والبَحْرَيْنِ)

أَي: هَذَا فِي بَيَان قصَّة عمان، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: فرضة بِلَاد الْيمن وَلم يزدْ فِي تَعْرِيفهَا شَيْئا،.

     وَقَالَ  الرشاطي: عمان فِي الْيمن، سميت بعمان بن سبأ وَفِي بِلَاد الشَّام بَلْدَة يُقَال لَهَا: عمان، بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الْمِيم وَلَيْسَت بمرادة هُنَا قطعا.
والبحرين ثنية بحرفي الأَصْل مَوضِع بَين الْبَصْرَة وعمان، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ بحراني.



[ قــ :4145 ... غــ :4383 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سعِيدٍ حدَّثنا سُفْيانُ سمِعَ ابنُ المُنْكَدِرَ جابِرَ بنَ عبْدِ الله رَضِي الله عَنْهُمَا يقُولُ قَالَ لي رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لوْ قَدْ جاءَ مالُ البَحْرَيْنِ لقَدْ أعْطَيْتُكَ هكَذا وهكَذَا ثَلاثاً فلَمْ يَقْدَمْ مالُ البَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلمَّا قدِم علَى أبي بَكْرٍ أمَرَ مُنادِياً فنَادى مَنْ كانَ لهُ عنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ديْنٌ أوْ عدَةٌ فَلْيَأْتِنِي قَالَ جابِرٌ فَجئْتُ أَبَا بكْرٍ فأخْبَرْتُهُ أَن النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْ قَدْ جاءَ مالُ البَحْرَيْنِ أعْطَيْتُكَ هكذَا وهكَذَا ثَلاثاً قَالَ فأعْطاني قَالَ جابِرٌ فلَقِيتُ أَبَا بكْرٍ بعْدَ ذَاكَ فَسألْتُهُ فَلَمْ يُعْطِني ثُمَّ أتَيْتُهُ فَلَمْ يَعْطِني ثُمَّ أتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَلَمْ يُعْطِني فَقُلْتُ لهُ قَدْ أتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِني ثُمَّ أتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِني ثُمَّ أتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِني فإمَّا أنْ تُعْطِينَي وإمَّا أنْ تَبْخَلَ عَنِّي فَقَالَ أقُلْتَ تَبْخَلُ عَنِّي وأيُّ دَاءٍ أدْوَأُ مِنَ البُخْل قالَها ثَلاثاً مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إلاَّ إِنَّا أُرِيدُ أنْ أُعْطِيَكَ.
.


لَيْسَ فِيهِ قصَّة عمان وَلَا قصَّة الْبَحْرين، وَلَكِن يُمكن أَن يكون قد أَشَارَ إِلَى ذَلِك بقوله: ( لَو قد جَاءَ مَال الْبَحْرين) فَإِنَّهُ يدل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعث إِلَيْهِم على مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْمسور بن مخرمَة، قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رسله إِلَى الْمُلُوك وَبعث عَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى جَيْفَر وعياذ ابْني جلندي ملك عمان، وَفِيه: فَرَجَعُوا جَمِيعًا قبل وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنه توفّي وَعَمْرو بِالْبَحْرَيْنِ.
قلت: جَيْفَر، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْفَاء بعْدهَا الرَّاء، و: عياذ، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا ذال مُعْجمَة، و: الجلندي، بِضَم الْجِيم وَفتح اللَّام وَسُكُون النُّون وَفتح الدَّال مَقْصُورا، و: سُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
قَوْله: ( سمع ابْن الْمُنْكَدر) ، أَي: مُحَمَّد جَابر بن عبد الله، فَابْن الْمُنْكَدر فَاعل سمع، وَجَابِر بن عبد الله بِالنّصب مَفْعُوله، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي فِي ( مُسْنده) : حَدثنَا سُفْيَان، قَالَ: سَمِعت ابْن الْمُنْكَدر،.

     وَقَالَ : سَمِعت جَابِرا، والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْهِبَة، فِي: بابُُ إِذا وهب هبة أَو وعد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان إِلَى آخِره، وَفِيه اخْتِصَار قَوْله: ( قلت: تبخل عني؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الْإِنْكَار أَي: اتنسب إِلَى الْبُخْل.
قَوْله: ( أدوأ) : ضَبطه الدمياطي بِخَطِّهِ بِالْهَمْزَةِ،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: إِنَّه غير مَهْمُوز،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير فِي بابُُ الدَّال مَعَ الْوَاو: وَمِنْه الحَدِيث: وَأي دَاء أدوى من الْبُخْل، أَي: أَي عيب أقبح مِنْهُ، وَالصَّوَاب أدوأ بِالْهَمْزَةِ، وَالْبخل بِضَم الْيَاء وَسُكُون الْخَاء وَبِفَتْحِهَا، وَهُوَ أَن يمْنَع الْمَرْء مَا يجب عَلَيْهِ فَلَا يُؤَدِّيه.

وعنْ عَمْرٍ وعنْ مُحَمَّدِ بنِ علِيِّ سمِعْتُ جابِرَ بنَ عبْدِ الله يقُولُ جِئْتُهُ فَقَالَ لِي أبُو بكْرٍ عُدَّها فَعَدَدْتُها فَوَجَدْتُها خَمْسمِائَةٍ فَقَالَ خُذْ مِثْلَها مَرَّتَيْنِ.


هَذَا مَعْطُوف على الْإِسْنَاد الأول، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَمُحَمّد بن عَليّ هُوَ ابْن الْحَنَفِيَّة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَوَقع فِي رِوَايَة الْحميدِي: حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عَليّ فَذكر إِلَى آخِره، وَهَذَا مضى فِي الْكفَالَة فِي: بابُُ من تكفل عَن ميت دينا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن عَمْرو وَسمع مُحَمَّد بن عَليّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، إِلَى آخِره، فَلْينْظر هُنَاكَ، وَصَاحب ( التَّلْوِيح) قد ذهل عَنهُ فَقَالَ: أخرجه مُسلم فِي ( صَحِيحه) عَن إِسْحَاق عَن سُفْيَان عَنهُ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.