فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت

باب إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت) أي بعدما طافت طواف الإفاضة هل يجب عليها طواف أم لا، وإذا وجب هل يجبر بدم أم لا؟.


[ قــ :1680 ... غــ : 1757 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- "أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالُوا: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ، قَالَ: فَلاَ إِذًا".

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن صفية بنت حيي زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) -رضي الله عنها- ( حاضت) بعد أن أفاضت يوم النحر ( فذكرت) بسكون الراء أي قالت عائشة فذكرت، ولأبوي ذر والوقت: فذكر مبنيًا للمفعول ( ذلك لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( أحابستنا هي) ؟ أي مانعتنا من السفر لأجل طواف الإفاضة بسبب الحيض ظنًا منه عليه الصلاة والسلام أنها لم تطفه وهمزة الاستفهام ثابتة للكشميهني ( قالوا: إنها قد أفاضت) أي طافت طواف الإفاضة ( قال) : عليه الصلاة والسلام ( فلا) حبس علينا ( إذا) لأنها قد فعلت الذي قد وجب عليها وهو طواف الإفاضة.


وهذا موضع الترجمة لأن حاصل المعنى أن طواف الوداع ساقط عنها، وحديث النسائي وأبي داود عن الحرث بن عبد الله بن أويس الثقفي قال: أتيت عمر -رضي الله عنه- فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض قال ليكن آخر عهدها بالبيت فقال الحرث: كذلك أفتاني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أجاب عنه الطحاوي بأنه منسوخ بحديث عائشة هذا وغيره.

1758، 1759 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ "أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ، قَالَ لَهُمْ: تَنْفِرُ، قَالُوا: لاَ نَأْخُذُ بِقَوْلِكَ وَنَدَعَ قَوْلَ زَيْدٍ، قَالَ: إِذَا قَدِمْتُمُ الْمَدِينَةَ فَاسألُوا.
فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَسَأَلُوا، فَكَانَ فِيمَنْ سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ، فَذَكَرَتْ حَدِيثَ صَفِيَّةَ".
رَوَاهُ خَالِدٌ وَقَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ.

وبه قال ( حدّثنا) بالجمع ( أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: ( حدثنا حماد) هو ابن زيد ( عن أيوب) السختياني ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( أن أهل المدينة) ، وعند الإسماعيلي من طريق عبد الوهاب الثقفي أن ناسًا من أهل المدينة وهو يفيد أن المراد من قوله وإن أهل المدينة بعضهم ( سألوا ابن عباس -رضي الله عنهما- عن امرأة طافت) طواف الإفاضة ( ثم حاضت قال) : ابن عباس ( لهم) أي للذين سألوه ( تنفر) هذه المرأة التي طافت ثم حاضت ( قالوا) : أي السائلون لابن عباس ( لا نأخذ بقولك وندع قول زيد) هو ابن ثابت وندع بالواو والنصب جواب النفي وللحموي والمستملي: فندع بالفاء بدل الواو والنصب أيضًا كذلك، وفي رواية عبد الوهاب الثقفي: أفتيتنا أو لم تفتنا زيد بن ثابت يقول لا تنفر أي حتى تطوف طواف الوداع.

( قال) ابن عباس: ( إذا قدمتم المدينة فاسألوا) عن ذلك من بها والذي في اليونينية فسلوا ( فقدموا المدينة فسألوا فكان فيمن سألوا أم سليم) ، برفع أم وهي أم أنس ( فذكرت) أي أم سليم ( حديث صفية) المعروف.

( رواه) أي الحديث المذكور ( خالد) الحذاء فيما وصله البيهقي ( وقتادة) فيما وصله أبو داود الطيالسي في مسنده كلاهما ( عن عكرمة) عن ابن عباس.




[ قــ :1681 ... غــ : 1760 ]
- حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ "رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ".

وبه قال: ( حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم الفراهيدي قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد قال: ( حدّثنا ابن طاوس) عبد الله ( عن أبيه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال) :
( رخص للحائض) بضم الراء مبنيًا للمفعول وللنسائي: رخص رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للحائض ( أن تنفر) بكسر الفاء ( إذا أفاضت) طافت للإفاضة قبل أن تحيض.





[ قــ :1681 ... غــ : 1761 ]
- قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّهَا لاَ تَنْفِرُ.
ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَخَّصَ لَهُنَّ".

(قال): طاوس بالإسناد المذكور (وسمعت ابن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنهما- (يقول) (إنها لا تنفر) أي حتى تطهر وتطوف للوداع (ثم سمعته) أي ابن عمر (يقول: بعد) بضم الدال أي بعد أن قال: لا تنفر ({إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رخص لهن" أي للحيض في ترك طواف الوداع بعد أن طفن طواف الإفاضة.

قال في الفتح: وهذا من مراسيل الصحابة لأن ابن عمر لم يسمعه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويبين ذلك ما رواه النسائي والطحاوي عن طاوس أنه سمع ابن عمر يسأل عن النساء إذا حضن قبل النفر وقد أفضن يوم النحر فقال إن عائشة كانت تذكر أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رخص لهن قبل موته بعام وفي رواية الطحاوي قبل موت ابن عمر بعام.




[ قــ :168 ... غــ : 176 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ نُرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَمْ يَحِلَّ، وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَطَافَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَحَاضَتْ هِيَ، فَنَسَكْنَا مَنَاسِكَنَا مِنْ حَجِّنَا.
فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ لَيْلَةُ النَّفْرِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ أَصْحَابِكَ يَرْجِعُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ غَيْرِي.
قَالَ: مَا كُنْتِ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا؟ قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَاخْرُجِي مَعَ أَخِي كِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ، وَمَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا.
فَخَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ.
وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَقْرَى حَلْقَى، إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَمَا كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَلاَ بَأْسَ انْفِرِي.
فَلَقِيتُهُ مُصْعِدًا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ".
.

     وَقَالَ  مُسَدَّدٌ "قُلْتُ: لاَ".
تَابَعَهُ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ فِي قَوْلِهِ "لاَ".

وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن الأسود) بن يزيد (عن (عائشة -رضي الله عنها- قالت) (خرجنا) من المدينة (مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في حجة الوداع (ولا نرى) بضم النون أي لا نظن وفي نسخة ولا نرى بفتحها (إلا الحج) أي لا نعرف غيره ولم يكونوا يعرفون العمرة في أشهر الحج (فقدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مكة (فطاف بالبيت وبين الصفا والمروة) هو من باب:
علفتها تبنًا وماء باردًا.

أو على طريق المجاز (ولم يحل) بفتح أول أي من إحرامه (وكان معه الهدي فطاف) ولأبي

الوقت: وطاف بالواو بدل الفاء (من كان معه من نسائه وأصحابه وحلّ منهم من لم يكن معه الهدي) منهم (فحاضت هي) أي عائشة وكان ابتداء حيضها بسرف يوم السبت لثلاث خلون من ذي الحجة (فنسكنا مناسكنا من حجنا فلما كانت ليلة الحصبة) بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ليلة الحصباء بالمد (ليلة النفر) من منى برفع ليلة في الموضعين جميعًا على أن كان تامة وليلة النفر بدل أو خبر مبتدأ مضمر أي هي ليلة النفر.

قال في التنقيح: وجوّز رفع الأولى ونصب الثانية وعكسه ولم يبين وجهه.

قال في المصابيح ولا يمكن أن يكون نصب ليلة النفر على أنه خبر كان إذ لا معنى له وإنما كان تامة وليلة النفر منصوب بمحذوف تقديره أعني ليلة النفر وأما نصب الأولى ورفع الثانية فوجهه أن تجعل كان ناقصة واسمها ضمير يعود إلى الرحيل المفهوم من السياق وليلة الحصبة خبرها وليلة النفر خبر مبتدأ مضمر أي هي ليلة النفر اهـ.

والذي في اليونينية رفعهما، ولأبي ذر: ليلة الحصبة ليلة النفر بنصبهما.

(قالت): عائشة (يا رسول الله كل أصحابك يرجع بحج) منفرد عن العمرة (وعمرة) منفردة عن الحج (غيري) فإني أرجع بحج ليس لي عمرة منفردة عن الحج (قال): علية الصلاة والسلام:
(ما كنت تطوفي) بحذف النون تخفيفًا وقيل حذفها من غير ناصب أو جازم لغة فصيحة ولأبي ذر: تطوفين بإثباتها (بالبيت ليالي قدمنا)؟ مكة (قلت: لا).
قال الحافظ ابن حجر: وكذا للأكثر، وفي رواية أبي ذر عن المستملي: قلت بلى وهي محمولة على أن المراد ما كنت أطوف (قال): (فأخرجي مع أخيك) عبد الرحمن بن أبي بكر (إلي التنعيم فأهلي بعمرة) لما سألها أكانت متمتعة؟ قالت: لا.
ونفى التمتع وإن كان لا يلزم منه الحاجة إلى العمرة لجواز القران وهي كانت قارنة كما عند أكثر كما هو صريح رواية مسلم، وإنما أمرها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالعمرة تطييبًا لقلبها حيث أرادت عمرة منفردة (وموعدك مكان كذا وكذا) سبق في باب قول الله تعالى: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] ثم أتينا هاهنا أي المحصب ومكان نصب على الظرفية قالت عائشة: (فخرجت مع عبد الرحمن إلى التنعيم فأهللت بعمرة وحاضت صفية بنت حيي) في أيام منى ليلة النفر (فقال:
النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (عقرى حلقى)، بفتح أولهما وسكون ثانيهما مع القصر من غير تنوين ويجوز التنوين لغة، وصوّبه أبو عبيد لأن المراد الدعاء بالعقر والحلق كرعيًا وسقيًا ونحو ذلك من المصادر التي يدعى بها وعلى الأول هو نعت لا دعاء، ثم معنى عقرى أي عقرها الله أي جرحها أو جعلها عاقرًا لا تلد أو عقر قومها ومعنى حلقى حلق شعرها وهو زينة المرأة أو أصابها وجع في حلقها أو حلق قومها بشؤمها أي أهلكهم وحكى القرطبي أنها كلمة تقولها اليهود للحائض فهذا أصل هاتين الكلمتين ثم اتسع العرب في قولهما بغير إرادة حقيقتهما كما قالوا قاتله الله ونحو ذلك.
وقول الزركشي كان بطال: فيه توبيخ الرجل أهله على ما يدخل على الناس بسببها كما وبخ الصديق عائشة

-رضي الله عنهما- في قصة العقد، تعقبه ابن المنير بأنه لا يمكن أن يحمل على التوبيخ لأن الحيض ليس من صنيعها، وقد جاء في الحديث الآخر أن هذا الأمر كتبه الله تعالى على بنات آدم، وإنما هذا القول يجري على سبيل التعجب ولم يقصد معناه، وقول القرطبي وغيره: شتان بين قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعائشة لما حاضت معه في الحج هذا شيء كتبه الله على بنات آدم لما يشعر به من الميل إليها والحنوّ عليها بخلاف صفية.
تعقبه الحافظ ابن حجر بأنه ليس فيه دليل على اتضاع قدر صفية عنده، لكن اختلف الكلام باختلاف المقام فعائشة دخل عليها وهي تبكي أسفًا على ما فاتها من النسك فسلاّها بذلك، وصفية أراد منها ما يريد الرجل من أهله فأبدت له المانع فناسب كلاً منهما ما خاطبها به في تلك الحالة.

(إنك لحابستنا) عن السفر بسبب الحيض المانع من طواف الإفاضة (أما كنت طفت يوم النحر)؟ طواف الإفاضة (قالت: بلى) طفت (قال): عليه الصلاة والسلام: (فلا بأس انفري).
بكسر الفاء، وفي رواية أبي سلمة قال: أخرجي أي من منى إلى المدينة.
قالت عائشة: (فلقيته) عليه الصلاة والسلام بالمحصب حال كونه (مصعدًا) بضم الميم وكسر العين أي صاعدًا (على أهل مكة وأنا) أي والحال أني (منهبطة) عليهم (أو أنا) أي والحال إني (مصعدة) عليهم (وهو) أي والحال أنه (منهبط) عليهم بالشك من الراوي وسقطت الهمزة من قوله أو أنا مصعدة من رواية ابن عساكر كما رأيته في الفرع، وأصله حيث رقم على الهمزة علامة السقوط له، والظاهر أن العلامة البدر بن الدماميني شرح عليها فقال: جمعت بين جعل أول الحالين للأخير من صاحبي الحال وثانيهما للأول وبين العكس وصرح قوم بأولوية الوجه الأول لاشتماله على فصل واحد بخلاف الثاني لاشتماله على فصلين اهـ.

أي: جمعت بين جعل أول الحالين الذي هو مصعدًا للأخير من صاحبي الحال الذي هو ضمير المفعول في لقيته وثانيهما الذي هو وأنا منهبطة لصاحب الحال الأول الذي هو ضمير الفاعل وهو التاء وبين العكس بأن جعلت الثاني من الحالين الذي هو وهو منهبط للأخير من صاحبي الحال الذي هو ضمير المفعول والأول الذي هو مصعدة للأول الذي هو ضمير الفاعل، وقوله: لاشتماله أي الأول على فصل واحد وهو وأنا بخلاف الثاني لاشتماله على فصلين هما أنا وهو.

فإن قلت: قوله وصرح قوم بأولوية الوجه الأول مخالف لقول صاحب المغني حيث قال: ويجب كون الأولى من المفعول والثانية من الفاعل تقليلاً للفصل فصرح بالوجوب.

أجيب: بأن الرضى قال وإن كون الأولى من المفعول والثانية من الفاعل جائز على ضعف لا واجب، ثم إن قولها فلقيته مصعدًا وأنا منهبطة وأنا مصعدة وهو منهبط مشكل على هذه الرواية لأن وقوع الإصعاد والإهباط في زمان واحد ومكان واحد من شخص واحد محال فيحمل على تعدّد الزمان والمكان.


(وقال مسدد): مما رواه في مسنده في رواية أبي خليفة عنه قال: حدّثنا أبو عوانة ولفظه: ما كنت طفت ليالي قدمنا (قلت: لا) وهذا التعليق كما قاله في الفتح ثبت في غير رواية أبي ذر وسقط له.

(تابعه) ولأبي ذر: وتابعه أي تابع مسدّدًا (جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (في قوله: لا) وهذا سبق موصولاً في باب: التمتع والقران عن عثمان بن أبي شيبة عنه.