فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «تربت يمينك، وعقرى حلقى»

باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرِبَتْ يَمِينُكَ وَعَقْرَى حَلْقَى
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تربت) أي افتقرت ( يمينك) أو هي كلمة يراد بها التحريض على الفعل لا الدعاء أو يراد بها المبالغة في المدح كقولهم للشاعر قاتله الله لقد أجاد ( وعقرى) أي عقرها الله ( حلقى) أصابها وجع في حلقها.


[ قــ :5827 ... غــ : 6156 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَىَّ بَعْدَ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ آذَنُ لَهُ، حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَتُهُ قَالَ: «ائْذَنِى لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ» قَالَ عُرْوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير الحافظ المخزومي مولاهم المصري قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عروة) بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: إن أفلح أخا أبي القعيس) بضم القاف وفتح العين المهملة وبعد التحتية الساكنة سين مهملة عم عائشة من الرضاعة وفي رواية لمسلم أفلح بن أبي قعيس وكذا عند البغوي من وجه آخر ( استأذن) أن يدخل ( علي) بتشديد التحتية ( بعد ما نزل) ولأبي ذر بعدما أنزل ( الحجاب فقلت: والله لا آذن له) أن يدخل عليّ ( حتى أستأذن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيه ( فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني) بالفوقية الساكنة قبل النون ( امرأة أبي القعيس) قال في الفتح: لم أعرف اسمها ( فدخل عليّ) بتشديد التحتية ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت) له: ( يا رسول الله إن الرجل) أخا أبي القعيس ( ليس هو) الذي ( أرضعني ولكن أرضعتني امرأته قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( ائذني له) في الدخول عليك ( فإنه عمك) من الرضاعة ( تربت يمينك) فأثبت -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمومة الرضاع وألحقها بالنسب.
ومطابقة الحديث لبعض الترجمة ظاهرة لا خفاء فيها، والحديث سبق في النكاح.

( قال عروة) بن الزبير بالسند السابق: ( فبذلك) أي بسبب ما ذكر في هذا الحديث ( كانت عائشة) -رضي الله عنها- ( تقول: حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب) ومبحث هذا سبق.




[ قــ :588 ... غــ : 6157 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: أَرَادَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَنْفِرَ فَرَأَى صَفِيَّةَ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً لأَنَّهَا حَاضَتْ فَقَالَ: «عَقْرَى حَلْقَى -لُغَةُ قُرَيْشٍ- إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا» ثُمَّ قَالَ: «أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ» -يَعْنِى الطَّوَافَ- قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: «فَانْفِرِى إِذًا».

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا الحكم) بن عتيبة بضم العين وفتح الفوقية وبعد التحتية الساكنة موحدة الكندي مولاهم فقيه الكوفة ( عن إبراهيم) النخعي ( عن الأسود) بن يزيد النخعي الكوفي ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: أراد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ينفر) بكسر الفاء يرجع من الحج ( فرأى صفية) بنت حيي ( على باب خبائها) بكسر الخاء المعجمة وبعد الموحدة ألف فهمزة ممدودًا أي خيمتها ( كئيبة) من الكآبة أي سيئة الحال ( حزينة لأنها حاضت) ولم تطف طواف الوداع فظنت أنه كطواف الزيارة في تمام الحج أنه لا يجوز تركه مع العذر وظن -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنها لم تطف الزيارة ( فقال) لها:
( عقر حلقى) على وزن فعلى بفتح الفاء مقصورًا وحقهما التنوين ليكونا مصدرين أي عقرها الله عقرًا وحلقها حلقًا وهو دعاء لكنه ( لغة قريش) يطلقونه ولا يريدون وقوعه بل عادتهم التكلم بمثله على سبيل التطلف وضبطه أبو عبيد في غريب الحديث بالقصر وبالتنوين، وذكر في الأمثال أنه في كلام العرب بالمدّ وفي كلام المحدثين بالقصر ولأبي ذر عن المستملي لفظة بالفاء والمعجمة منوّنًا بدل قوله لغة ولأبي ذر لقريش ( إنك لحابستنا) عن الرحلة إلى المدينة ( ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مستفهمًا ( أكنت أفضت يوم النحر يعني) عليه الصلاة والسلام ( الطواف) للزيارة؟ ( قالت: نعم) أفضت ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فانفري إذًا) بالتنوين لأن حجك قد تم.

والحديث سبق في باب إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت من كتاب الحج وبالله المستعان على التكميل والتوفيق للصواب.