فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: السلطان ولي

باب السُّلْطَانُ وَلِيٌّ، بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»
هذا ( باب) بالتنوين ( السلطان ولي) لمن لا ولي لها ( بقول النبي) أي بسبب قول النبي، ولأبي ذر لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باللام بدل الموحدة أي لأجل قول النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زوجناكها) بنون العظمة ( بما معك من القرآن) .


[ قــ :4859 ... غــ : 5135 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إِنِّي وَهَبْتُ مِنْ نَفْسِي، فَقَامَتْ طَوِيلًا فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، قَالَ: «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ.
تُصْدِقُهَا»؟ قَالَ: مَا عِنْدِي إِلاَّ إِزَارِي.
فَقَالَ: «إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لاَ إِزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا».
فَقَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا.
فَقَالَ: «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدِ».
فَلَمْ يَجِدْ فَقَالَ: «أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ»؟ قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا فَقَالَ: «زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن أبي حازم) سلمة بن دينار ( عن سهل بن سعد) الساعدي -رضي الله عنه- أنه ( قال: جاءت امرأة إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: إني وهبت من نفسي) أي وهبت نفسي فمن زائدة ولأبي الوقت وهبت منك نفسي، وفي رواية لك نفسي بلام التمليك، استعملت هنا في تمليك المنافع أي وهبت أمر نفسي لك ( فقامت) قيامًا ( طويلًا) فطويلًا نعت لمصدر محذوف وسمي مصدرًا لأن المصدر هو اسم الفعل أو عدده أو ما قام مقامه أو ما أضيف إليه وهذا قام مقام المصدر فسمي باسم ما وقع موقعه وقوله فقامت عطف على وهبت ( فقال رجل) : يا رسول الله ( زوجنيها إن لم تكن) بالفوقية ( لك بها حاجة قال) عليه الصلاة والسلام ولأبي ذر فقال:
( هل عندك من شيء تصدقها) ؟ إياه ومن زائدة في المبتدأ والخبر متعلق الظرف وجملة تصدقها في موضع رفع صفة لشيء ويجوز فيه الجزم على جواب الاستفهام وتصدقها يتعدى لمفعولين الثاني محذوف أي إياه وهو العائد من الصفة على الموصوف ( قال) الرجل ( ما عندي إلا إزاري فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له: ( إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك) جواب الشرط ولا نافية وإزار اسم نكرة مبني مع لا ولك يتعلق بالخبر أي ولا إزار كائن لك ( فالتمس شيئًا.
فقال: ما أجد شيئًا فقال)
عليه الصلاة والسلام: ( التمس ولو) كان الملتمس ( خاتمًا من حديد) فطلب ( فلم يجد) ذلك ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له: ( أمعك من القرآن شيء؟ قال: نعم) معي ( سورة كذا وسورة كذا) بالتكرار مرتين وفيما سبق تكرير ذلك ثلاثًا ( لسور سماها) في فوائد تمام إنها تسع من المفصل وقيل غير ذلك مما سبق ذكره ( فقال: زوّجناكها) بنون العظمة ولأبي ذر قد زوّجناكها ( بما معك من القرآن) .

والمطابقة بين الترجمة والحديث ظاهرة.
وفي حديث عائشة عند أبي داود والترمذي وحسنه وصححه أبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم مرفوعًا "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" الحديث.
وفيه السلطان ولي من لا ولي له لكنه لما لم يكن على شرط المؤلّف استنبط الحكم من قصة الواهبة ولا يزوج السلطان إلا بالغة بكفء عند عدم وليها الخاص أو غيبة الأقرب مسافة القصر، وهل يزوّج بالولاية العامة أو النيابة الشرعية وجهان حكاهما الإمام، وأفتى البغوي منهما بالأول قال: لأنه كان بالنيابة لما زوج مولية الرجل منه ومن فوائد الخلاف أنه لو أراد القاضي نكاح من غاب وليها إن قلنا بالولاية زوّجه أحد نوابه أو قاضٍ آخر أو بالنيابة لم يجز ذلك.