فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الخوف من الله

باب الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ
( باب) فضل ( الخوف من الله) عز وجل وسبق تعريفه قريبًا.


[ قــ :6142 ... غــ : 6480 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِىءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ، فَقَالَ لأَهْلِهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَخُذُونِى فَذَرُّونِى فِى الْبَحْرِ فِى يَوْمٍ صَائِفٍ، فَفَعَلُوا بِهِ فَجَمَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِى صَنَعْتَ؟ قَالَ: مَا حَمَلَنِى إِلاَّ مَخَافَتُكَ فَغَفَرَ لَهُ».

وبه قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم العبسي الكوفي قال: ( حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد الرازي ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن ربعي) بكسر الراء وسكون الموحدة وكسر العين المهملة وتشديد التحتية ابن حراش بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء وبعد الألف شين معجمة ( عن حذيفة) بن اليمان -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( كان رجل ممن كان قبلكم) من بني إسرائيل ( يسيء الظن بعمله) في صحيح ابن حبان من طريق ربعي بن حراش أنه كان نباشًا للقبور يسرق أكفان الموتى وعند أبي عوانة من حديث حذيفة عن أبي بكر الصديق أنه آخر أهل الجنة دخولاً فيكون آخر من يخرج من النار، وفي المصابيح أنه كان يقول: أجرني من النار مقتصرًا على ذلك ( فقال لأهله) وفي الآتية بنيه ( إذا أنا مت فخذوني فذروني) بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء ثلاثي مضاعف من التذرية وبضمها من الذر وهو التفريق ( في البحر في يوم صائف) حار بحاء مهملة فألف فراء مشددة ( ففعلوا به) ذلك ( فجمعه الله) عز وجل ( ثم قال) تعالى له: ( ما حملك على الذي صنعت؟ قال: ما حملني) عليه ( إلا مخافتك فغفر له) .

والحديث سبق في ذكر بني إسرائيل.




[ قــ :6143 ... غــ : 6481 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ رَجُلاً «فِيمَنْ كَانَ سَلَفَ أَوْ قَبْلَكُمْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً وَوَلَدًا يَعْنِى أَعْطَاهُ، قَالَ: فَلَمَّا حُضِرَ قَالَ لِبَنِيهِ: أَىَّ أَبٍ كُنْتُ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا»، فَسَّرَهَا قَتَادَةُ لَمْ يَدَّخِرْ «وَإِنْ يَقْدَمْ عَلَى اللَّهِ يُعَذِّبْهُ فَانْظُرُوا فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاسْحَقُونِى أَوْ قَالَ: فَاسْهَكُونِى، ثُمَّ إِذَا كَانَ رِيحٌ عَاصِفٌ فَأَذْرُونِى فِيهَا، فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّى فَفَعَلُوا فَقَالَ اللَّهُ: كُنْ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ» ثُمَّ قَالَ: أَىْ عَبْدِى مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ، فَمَا تَلاَفَاهُ أَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ» فَحَدَّثْتُ أَبَا عُثْمَانَ فَقَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فَأَذْرُونِى فِى الْبَحْرِ أَوْ كَمَا حَدَّثَ.
.

     وَقَالَ  مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ عُقْبَةَ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا موسى) بن إسماعيل التبوذكي قال: ( حدّثنا معتمر) بضم الميم وسكون العين المهملة بعدها فوقية مفتوحة ميم مكسورة فراء قال: ( سمعت أبي) سليمان التيمي يقول: ( حدّثنا قتادة) بن دعامة ( عن عقبة بن عبد الغافر) الأزدي العوذي أبي بهار البصري ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك ولأبي ذر زيادة الخدري ( -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( ذكر رجلاً) لم يسم ( فيمن كان سلف) أي من بني إسرائيل ( أو) قال في زمن من كان ( قبلكم) بالشك من الراوي عن قتادة ( آتاه الله مالاً وولدًا) بمدّ آتاه ( يعني أعطاه) الله وزاد أبو ذر عن الكشميهني مالاً قال في الفتح: ولا معنى لإعادة مالاً بمفردها ( قال: فلما حضر) بضم الحاء المهملة أي حضره أوان الموت ( قال لبنيه: أيّ أب كنت لكم) ؟ بنصب أي خبر كان تقدم وجوبًا للاستفهام وسقط لفظ لكم لغير أبي ذر ( قالوا) : كنت ( خير أب) ويجوز الرفع أي أنت خير أب ( قال: فإنه لم يبتئر) بفتح التحتية وسكون الموحدة بعدها فوقية مفتوحة فهمزة مكسورة فراء ( عند الله خيرًا.
فسرها قتادة)
بن دعامة أي ( لم يدخر) عند الله خيرًا ( وإن يقدم على الله) بفتح التحتية وسكون القاف وفتح
المهملة مجزوم على الشرطية ( يعذبه) بالجزم أيضًا جزاؤه ( فانظروا فإذا مت فأحرقوني) بهمزة قطع ( حتى إذا صرت فحمًا فاسحقوني) بالحاء المهملة والقاف ( أو قال فاسهكوني) بالهاء والكاف بدلهما بالشك من الراوي قيل والسحق الدق ناعمًا والسهك دونه ( ثم) ولأبي ذر عن الكشميهني حتى ( إذا كان ريح عاصف فأذروني) بقطع الهمزة المفتوحة في الفرع كأصله من الثلاثي المزيد أي طيروني ( فيها فأخذ مواثيقهم) عهودهم ( على) أن يفعلوا به ( ذلك) أي الذي قال لهم ( وربي) أي قال لمن أوصاه: قل وربي لأفعلن ذلك أو هو قسم من المخبر بذلك عنهم ليصح خبره، وفي مسلم ففعلوا به ذلك وربي فتعين أنه قسم من الخبر ( ففعلوا) به ما قال لهم ( فقال الله) تعالى له ( كن فإذا رجل قائم) مبتدأ وخبر وجاز وقوع المبتدأ نكرة محضة بعد إذا المفاجأة لأنها من القرائن التي تتحصل بها الفائدة كقولك انطلقت فإذا سبع في الطريق قاله ابن مالك ( ثم قال) الله تعالى له: ( أي عبدي ما حملك على ما فعلت) من أمرك بنيك بإحراقك وتذريتك ( قال) حملني عليه ( مخافتك أو فرق) بفتح الراء خوف ( منك) شك الراوي أي اللفظين قال ( فما تلافاه) بالفاء أي تداركه ( أن رحمه الله) سقطت الجلالة لأبي ذر.

واستشكل إعرابه إذ مفهومه عكس المقصود وأجيب: بأن ما موصولة أي تلافاه هو الرحمة أو نافية وأداة الاستفهام محذوفة لقيام القرينة كما هو رأي السهيلي أي فما تداركه إلا بأن رحمه.

قال سليمان التيمي أو قتادة: ( فحدثت أبا عثمان) عبد الرَّحمن بن مل النهدي ( فقال: سمعت سلمان) الفارسي أي يحدث عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمثل هذا الحديث ( غير أنه زاد فأذروني في البحر) بهمزة قطع مفتوحة ولأبي ذر فاذروني بهمزة وصل يقال: ذرت الريح التراب وغيره ذروًا وأذرته وذرته أطارته وأذهبته، وقال في المشارق يقال: ذريت الشيء وذروته ذريًا وذروا وأذريت أيضًا رباعي وذريت بالتشديد إذا بددته وفرقته وقيل إذا طرحته مقابل الريح كذلك ( أو كما حدث) شك الراوي يريد أنه بمعنى حديث أبي سعيد لا بلفظه كله.

( وقال معاذ) : هو ابن معاذ التميمي فيما وصله مسلم ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة أنه قال: ( سمعت عقبة) بن عبد الغافر قال: ( سمعت أبا سعيد) زاد أبو ذر الخدري ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

والحديث سبق في بني إسرائيل ويأتي إن شاء الله تعالى في التوحيد وأخرجه مسلم في التوبة.