فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: العين حق

باب الْعَيْنُ حَقٌّ
هذا ( باب) بالتنوين ( العين حق) أي الإصابة بها من جملة ما تحقق من كونه لها تأثير في النفوس.


[ قــ :5432 ... غــ : 5740 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ» وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولغير أبي ذر: بالجمع ( إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر الساعدي قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا ( عبد الرزاق) بن همام ( عن معمر) هو ابن راشد ( عن همام) هو ابن منبه ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( العين حق) أي الإصابة بها ثابتة موجودة، وزاد مسلم من حديث ابن عباس ولو كان شيء
سابق القدر لسبقته العين وهي كالمؤكدة لقوله: العين حق وفيها تنبيه على سرعة نفوذها وتأثيرها في الذات، والمعنى لو فرض أن شيئًا له قوّة بحيث يسبق القدر كان العين لكنها لا تسبق فكيف غيرها، وفي الحديث ردّ على طائفة من المبتدعة حيث أنكروا إصابة العين والدليل على فساد قولهم أن كل معنى لا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا فساد دليل فإنه من مجوّزات العقول فإذا أخبر الشارع بوقوعه وجب اعتقاده ولا يجوز تكذيبه، واختلف في القصاص فقال القرطبي: لو أتلف العائن شيئًا ضمنه ولو قتل فعليه القصاص أو الدّية إذا تكرر ذلك منه بحيث يصير عادة كالساحر عند من لا يقتله كفرًا.
وقال الشافعي: لا قصاص ولا دية ولا كفارة لأنه لا يقتل غالبًا ولا يعدّ مهلكًا ولأن الحكم إنما يترتب على منضبط عام دون ما يختص ببعض الناس وبعض الأحوال مما لا ضبط فيه كيف ولم يقع منه فعل أصلاً اهـ.

وفي حديث أنس رفعه "من رأى شيئًا فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوّة إلا بالله لم يضره".
رواه البزار وابن السني.

( ونهى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهي تحريم ( عن الوشم) بفتح الواو وسكون المعجمة وهو أن يغرز إبرة أو نحوها في موضع من البدن حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل ونحوه فيخضر وقال العيني: الظاهر أن قومًا سألوه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن العين وقومًا عن الوشم في مجلس واحد فأجابهما لذلك، ويأتي إن شاء الله تعالى حكم الوشم في أواخر كتاب اللباس بعون الله وقوته.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في اللباس ومسلم في الأدب وأبو داود في الطب.