فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى

كتاب التوحيد
ثبتت البسملة لأبي ذر وسقطت لغيره.
( كتاب التوحيد) هو مصدر وحّد يوحّد ومعنى وحّدت الله اعتقدته منفردًا بذاته وصفاته لا نظير له ولا شبيه.
وقال الجنيد، التوحيد إفراد القدم من الحدث وهو بمعنى الحدوث والحدوث يقال للحدوث الذاتي وهو كون الشيء مسبوقًا بغيره، والزماني وهو كونه مسبوقًا بالعدم، والإضافي وهو ما يكون وجوده أقل من وجود آخر فيما مضى، وهو تعالى منزّه عنه بالمعاني الثلاثة وهو من الاعتبارات العقلية التي لا وجود لها في الخارج، وفي رواية المستملي كما: في الفرع كتاب الردّ على الجهمية بفتح الجيم وسكون الهاء وبعد الميم تحتية مشدّدة وهم طوائف ينسبون إلى جهم بن صفوان من أهل الكوفة والرد على غيرهم أي القدرية، وأما الخوارج فسبق ما يتعلق بهم في كتاب الفتن وكذا الرافضة في كتاب الأحكام وهؤلاء الفرق الأربعة رؤوس المبتدعة وقال الحافظ ابن حجر وتبعه العيني بعد قوله كتاب التوحيد وزاد المستملي الرد على الجهمية.


باب مَا جَاءَ فِى دُعَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
( باب ما جاء في دعاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى) وفي نسخة عز وجل وهو الشهادة بأن الله واحد ومعنى أنه تعالى واحد كما قاله بعضهم نفي التقسيم لذاته ونفي التشبيه عن حقه وصفاته ونفي الشريك معه في أفعاله ومصنوعاته فلا تشبه ذاته الذوات ولا صفته الصفات ولا فعل لغيره حتى يكون شريكًا له في فعله أو عديلاً له، وهذا هو الذي تضمنته سورة الإخلاص من كونه واحدًا صمدًا إلى آخرها فالحق سبحانه مخالف لمخلوقاته كلها مخالفة مطلقة.


[ قــ :6977 ... غــ : 7371 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ، عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو عاصم) الضحاك النبيل قال: ( حدّثنا زكريا بن إسحاق) المكي ( عن يحيى بن عبد الله) ولأبي ذر عن يحيى بن محمد بن عبد الله ( بن صيفي) بالصاد المهملة مولى عمرو بن عثمان بن عفان المكي ونسبه في الأولى لجده ( عن أبي معبد) بفتح الميم والموحدة بينهما عين مهملة ساكنة نافذ بالنون والفاء والمعجمة ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث معاذًا إلى اليمن) .
قال البخاري.




[ قــ :6978 ... غــ : 7373]
- وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلاَءِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِىٍّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمَّا بَعَثَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعَاذًا نَحْوَ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا صَلُّوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِى أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ».

( وحدّثني) بالإفراد ( عبد الله بن أبي الأسود) هو عبد الله بن معاذ بن محمد بن أبي الأسود واسمه حميد البصري قال: ( حدّثنا الفضل بن العلاء) بفتح العين ممدودًا الكوفي قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أمية) الأموي ( عن يحيى بن عبد الله) ولأبي ذر وأبي الوقت والأصيلي عن يحيى بن محمد بن عبد الله ( بن صيفي أنه سمع أبا معبد) نافذًا ( مولى ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( يقول: سمعت ابن عباس يقول) ولأبي ذر قال ( لما بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- معاذًا نحو اليمن) ولأبي ذر معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن أي إلى جهة أهل اليمن وهو من إطلاق الكل وإرادة البعض لأن بعثه كان إلى بعضهم لا إلى جميعهم قال له:
( إنك تقدم) بفتح الدال ( على قوم من أهل الكتاب) هم اليهود ( فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى) أي إلى توحيده وما مصدرية ( فإذا عرفوا ذلك) أي التوحيد ( فأخبرهم أن الله فرض) ولأبي ذر إن الله قد فرض ( عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة أموالهم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي زكاة في أموالهم ( تؤخذ من غنيهم) بالإفراد ( فترد على فقيرهم) بالإفراد أيضًا ( فإذا أقروا بذلك) صدقوا به وآمنوا ( فخذ منهم) زكاة أموالهم ( وتوق) اجتنب ( كرائم أموال الناس) خيار مواشيهم أن تأخذها في الزكاة والكريمة الشاة الغزيرة اللبن.

وفي الحديث دليل لمن قال أول واجب المعرفة كإمام الحرمين واستدلّ بأنه لا يتأتى الإتيان بشيء من المأمورات على قصد الامتثال ولا الانكفاف عن شيء من المنهيات على قصد الإنزجار إلا بعد معرفة الآمر الناهي، واعترض عليه بأن المعرفة لا تتأتى إلا بالنظر والاستدلال وهي مقدمة الواجب فتجب فيكون أول واجب النظر وقال الزركشي اختلف في التقليد في ذلك على مذاهب.

أحدها: وهو قول الجمهور المنع لجماع على وجوب المعرفة وبقوله تعالى فاعلم أنه لا إله إلا الله فأمر بالعلم بالوحدانية والتقليد لا يفيد العلم وقد ذم الله تعالى التقليد في الأصول وحث عليه في الفروع فقال في الأصول: { إنّا وجدنا آباءنا على أمة وإنّا على آثارهم مقتدون} [الزخرف: ] وحث على السؤال في الفروع بقوله تعالى: { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [الأنبياء: 7] .

والثاني: الجواز لإجماع السلف على قبول كلمتي الشهادة من الناطق بهما ولم يقل أحد له هل نظرت أو تبصرت بدليل.

والثالث: يجب التقليد وإن النظر والبحث فيه حرام والقائل بهذا المذهب طائفتان طائفة ينفون النظر ويقولون إذا كان المطلوب في هذا العلم والنظر لا يفضي إليه فالاشتغال به حرام وطائفة يعترفون بالنظر لكن يقولون: ربما أوقع النظر في هذا في الشبه فيكون ذلك سبب الضلال لنهيهم عن علم الكلام والاشتغال به ولا شك أن منعهم منه ليس هو لأنه ممنوع مطلقًا كيف وقد قطع أصحابه بأنه من فروض الكفايات وإنما منعوا منه لمن لا يكون له قدم في مسالك التحقيق فيؤدي إلى الارتياب والشك نحو الكفر وذكر البيهقي في شعب الإيمان هذا قال: وكيف يكون العلم الذي يتوصل به إلى معرفة الله وعلم صفاته ومعرفة رسله والفرق بين النبي الصادق والمتنبي مذمومًا أو مرغوبًا عنه، ولكنهم لإشفاقهم على الضعفة أن لا يبلغوا ما يريدون منه فيضلوا نهوا عن الاشتغال به.
ونقل عن الأشعري أن إيمان المقلد لا يصح وأنه يقول بتكفير العوام وأنكره الأستاذ أبو القاسم القشيري وقال: هذا كذب وزور من تلبيسات الكرامية على العوام والظن بجميع عوام المسلمين أنهم مصدقون بالله تعالى.
وقال أبو منصور في المقنع: أجمع أصحابنا على أن العوام مؤمنون عارفون بالله تعالى وأنهم حشو الجنة للإخبار والإجماع فيه، لكن منهم من قال: لا بد من نظر عقلي في العقائد وقد حصل لهم منه القدر الكافي فإن فطرهم جبلت على توحيد الصانع وقدمه وحدوث الموجودات وإن عجزوا عن التعبير عنه على اصطلاح المتكلمين فالعلم بالعبارة علم زائد لا يلزمهم وقد كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يكتفي من الأعرابي بالتصديق مع العلم بقصورهم عن معرفة النظر بالأدلة.

ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة وسبق أول الزكاة.




[ قــ :6979 ... غــ : 7373 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى حَصِينٍ وَالأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ سَمِعَا الأَسْوَدَ بْنَ هِلاَلٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا مُعَاذُ أَتَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ»؟ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِى مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ» قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: «أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشدّدة بندار قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين
عثمان بن عاصم الأسدي ( والأشعث بن سليم) بضم السين المهملة هو الأشعث بن أبي الشعثاء المحارب أنهما ( سمعا الأسود بن هلال) المحاربي الكوفي ( عن معاذ بن جبل) رضى الله عنه أنه ( قال: قال النبي) ولأبي ذر رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قال) معاذ: قلت: ( الله ورسوله أعلم.
قال)
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( أن يعبدوهُ) بأن يطيعوه ويجتنبوا معاصيه ( ولا يشركوا به شيئًا) عطف على السابق لأنه تمام التوحيد والجملة حالية أي يعبدوه في حال عدم الإشراك به ثم قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( أتدري) يا معاذ ( ما حقهم عليه) ما حق العباد على الله وهو من باب المشاكلة كقوله تعالى: { ومكروا ومكر الله} [آل عمران: 54] أو المراد الحق الثابت أو الواجب الشرعي بإخباره تعالى عنه أو كالواجب في تحقق وجوبه ( قال) معاذ: ( الله ورسوله أعلم.
قال)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( أن لا يعذبهم) إذا اجتنبوا الكبائر والمناهي وأتوا بالمأمورات.

والحديث سبق في الرقاق وغيره، وأخرجه مسلم في الإيمان.




[ قــ :6980 ... غــ : 7374 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الصمد: 1] يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ».

زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَخْبَرَنِى أَخِى قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام بن أنس الأصبحي ( عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه) عبد الله ( عن أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- ( أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ { قل هو الله أحد} يرددها) يكررها ويعيدها واسم الرجل القارئ قتادة بن النعمان رواه ابن وهب عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ( فلما أصبح جاء إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر له ذلك) ولأبي ذر فذكر ذلك له ( وكأن) بالواو والهمزة وتشديد النون ولأبي ذر عن الكشميهني فكأن بالفاء ( الرجل) الذي سمع ( يتقالها) بالقاف وتشديد اللام يعدّها قليلة ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( والذي نفسي بيده إنها) أي { قل هو الله أحد} ولأبي ذر فإنها ( لتعدل ثلث القرآن) لأن القرآن على ثلاثة أنحاء قصص وأحكام وصفات لله عز وجل، و { قل هو الله أحد} متمحضة للتوحيد والصفات فهي ثلثه وفيه دليل على شرف علم التوحيد، وكيف لا والعلم يشرف بشرف المعلوم ومعلوم هذا العلم هو الله وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه فما ظنك بشرف منزلته وجلالة محله ( زاد إسماعيل بن جعفر) الأنصاري ( عن مالك) الإمام ( عن عبد الرحمن عن أبيه) عبد الله بن
عبد الرحمن بن أبي صعصعة ( عن أبي سعيد) الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( أخي) لأمي ( قتادة بن النعمان عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا سبق في فضل { قل هو الله أحد} من فضائل القرآن.




[ قــ :6981 ... غــ : 7375 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ أَبِى هِلاَلٍ أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ فِى حَجْرِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِى صَلاَتِهِ فَيَخْتِمُ بِـ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «سَلُوهُ لأَىِّ شَىْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ»؟ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد) كذا غير منسوب في الفرع كأصله قال خلف في الأطراف أحسبه محمد بن يحيى الذهلي قال: ( حدّثنا أحمد بن صالح) أبو جعفر بن الطبراني الحافظ المصري قال: ( حدّثنا ابن وهب) عبد الله المصري قال: ( حدّثنا عمرو) بفتح العين ابن الحارث المصري ( عن ابن أبي هلال) سعيد ( أن أبا الرجال) بكسر الراء وتخفيف الجيم ( محمد بن عبد الرحمن) الأنصاري مشهور بكنيته وكان له عشرة أولاد رجال ( حدّثه عن أمه عمرة) بفتح العين المهملة وسكون الميم ( بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ( وكانت في حجر عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن عائشة) -رضي الله عنه- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث رجلاً على سرية) أميرًا عليها وهو متعلق ببعث، ولا يصح أن يتعلق بصفة لرجل لفساد المعنى ولا بحال لأن رجلاً نكرة ولم يقل في سرية لأن على تفيد معنى الاستعلاء والرجل قيل هو كلثوم بن الهدم.
قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر لأنهم ذكروا أنه مات في أول الهجرة قبل نزول القتال قال: ورأيت بخط الرشيد العطار كلثوم بن زهدم وعزاه لصفوة الصفوة لابن طاهر، ويقال قتادة بن النعمان وهو غلط وانتقال من الذي قبله إلى هذا ( وكان يقرأ لأصحابه في صلاته) ولأبي ذر في صلاتهم أي التي يصلّيها بهم ( فيختم) قراءته ( بـ { قل هو الله أحد} ) السورة إلى آخرها.
وهذا يُشعِر بأنه كان يقرأ بغيرها معها في ركعة واحدة فيكون دليلاً على جواز الجمع بين السورتين غير الفاتحة في ركعة أو المراد أنه كان من عادته أن يقرأها بعد الفاتحة ( فلما رجعوا) من السرية ( ذكروا ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك فسألوه) لِمَ تختم بقل هو الله أحد؟ ( فقال) الرجل: أختم بها ( لأنها صفة الرحمن) لأن فيها أسماءه وصفاته وأسماؤه مشتقة من صفاته ( وأنا أحب أن أقرأ بها) فجاؤوا فأخبروا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أخبروه أن الله) تعالى ( يحبه) لمحبته قراءتها ومحبة الله تعالى لعباده إرادة الإثابة لهم.

والحديث سبق في باب الجمع بين السورتين في الركعة من كتاب الصلاة، وأخرجه مسلم في الصلاة والنسائي فيه وفي اليوم والليلة.