فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب أداء الدين

باب أَدَاءِ الدُّيُونِ،.

     وَقَالَ  اللَّهُ تَعَالَى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}
( باب) وجوب ( أداء الدّيون) ولأبي ذر: الدين بالإفراد ( وقال الله) ولأبي ذر وقول الله ( تعالى: { إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها} ) عامّ في جميع ما يتعلق بالذمة وما لا يتعلق بها ( { وإذا حكمتم بين الناس أن} ) أي بأن ( { تحكموا بالعدل إن الله نعما} ) أي نعم شيئًا ( { يعظكم به} ) أو نعم الشيء الذي يعظكم به والمخصوص بالمدح محذوف أي نعم ما يعظكم به ذاك وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكم ( { إن الله كان سميعًا بصيرًا} ) [النساء: 58] يدرك المسموعات حال حدوثها والمبصرات حال وجودها، ولأبي ذر { إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها} الآية.
وأسقط ما عدا ذلك.


[ قــ :2287 ... غــ : 2388 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا أَبْصَرَ -يَعْنِي أُحُدًا- قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّهُ يُحَوَّلُ لِي ذَهَبًا يَمْكُثُ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلاَّ دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ، إِلاَّ مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا -وَأَشَارَ أَبُو شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ- وَقَلِيلٌ مَا هُمْ.
.

     وَقَالَ : مَكَانَكَ، وَتَقَدَّمَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَسَمِعْتُ صَوْتًا، فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ.
ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ: مَكَانَكَ حَتَّى آتِيَكَ.
فَلَمَّا جَاءَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي سَمِعْتُ -أَوْ قَالَ: الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُ- قَالَ: وَهَلْ سَمِعْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( أحمد بن يونس) بن عبد الله التميمي اليربوعي قال: ( حدّثنا أبو شهاب) عبد ربه الحناط بالحاء المهملة والنون المشددة المعروف بالأصغر ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن زيد بن وهب) الهمداني الجهني ( عن أبي ذر) جندب بن جنادة ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كنت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما أبصر يعني أُحُدًا) الجبل المشهور ( قال) :
( ما أحب أنه) أي أن أُحُدًا ( تحوّل لي ذهبًا) بفتح المثناة الفوقية كتفعل، ولغير أبي ذر: يحول بضم المثناة التحتية مبنيًّا للمفعول من باب التفعيل وفيه حول بمعنى صير.
قال في التوضيح: وهو استعمال صحيح وقد خفي على أكثر النحويين حتى أنكر بعضهم على الحريري قوله في الخمر:
وما شيء إذا فسدا ... تحول غيه رشدا
زكيّ العرق والده ... ولكن بئس ما ولدا

وحينئذ فتستدعي مفعولين قال: والرواية لما لم يسم فاعله فرفعت أول المفعولين وهو الضمير في تحول الراجع إلى أُحُد ونصبت الثاني خبرًا لها وهو ذهبًا ( يمكث عندي منه) أي من الذهب ( دينار) رفع فاعل يمكث والجملة في محل نصب صفة لذهبًا ( فوق ثلاث) من الليالي ( إلا دينارًا) نصب على الاستثناء من سابقه ولأبي ذر إلا دينار بالرفع على البدل من دينار السابق ( أرصده) بضم الهمزة وكسر الصاد من الإرصاد أي أعده ( لدين) والجملة في محل نصب صفة لدينار أو في نسخة بالفرع وحكاها السفاقسي وابن قرقول أرصده بفتح الهمزة من رصدته أي رقبته.

( ثم قال) عليه الصلاة والسلام: ( إن الأكثرين) مالاً ( هم الأقلون) ثوابًا ( إلا من قال بالمال) أي إلا من صرف المال على الناس في وجوه البر والصدقة ( هكذا وهكذا وأشار أبو شهاب) عبد ربه المذكور ( بين يديه وعن يمينه وعن شماله) وفيه التعبير عن الفعل بالقول نحو قولهم قال بيده أي أخذ أو رفع وقال برجله أي مشى ( وقليل ما هم) جملة اسمية فهم مبتدأ مؤخر وقليل خبره وما زائدة أو صفة.

( وقال) عليه الصلاة والسلام: ( مكانك) بالنصب أي الزم مكانك حتى آتيك ( وتقدم غير بعيد فسمعت صوتًا فأردت أن آتيه) عليه الصلاة والسلام ( ثم ذكرت قوله) الزم ( مكانك حتى آتيك فلما جاء قلت يا رسول الله) ما هو ( الذي سمعت أو قال) ما هو ( الصوت الذي سمعت) شك من الراوي ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وهل سمعت) ؟ استفهام على سبيل الاستخبار ( قلت: نعم) سمعت ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام فقال: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة قلت وإن) ولأبي ذر عن المستملي: ومن ( فعل كذا وكذا) أي وإن زنى وإن سرق كما جاء في الرقاق مفسرًا ( قال: نعم) .

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله إلا دينارًا أرصده لدين من حيث إن فيه ما يدل على الاهتمام بأداء الدين وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي، وأخرجه أيضًا في الاستئذان.
والرقاق وبدء الخلق ومسلم في الزكاة والترمذي في الإيمان والنسائي في اليوم والليلة.




[ قــ :88 ... غــ : 389 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ لاَ يَمُرَّ عَلَىَّ ثَلاَثٌ وَعِنْدِي مِنْهُ شَىْءٌ، إِلاَّ شَىْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ» رَوَاهُ صَالِحٌ وَعُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
[الحديث 389 - طرفاه في: 6445، 78] .

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( أحمد بن شبيب بن سعيد) بفتح المعجمة وكسر الموحدة الأولى وسعيد بكسر العين الحبطي بفتح الحاء والطاء المهملتين وبالموحدة الساكنة بينهما البصري قال: ( حدّثنا أبي) سعيد ( عن يونس) بن يزيد الأيلي ( قال ابن شهاب) محمد بن مسلم

الزهري: ( حدّثني) بالإفراد ( عبيد الله) بالتصغير ( ابن عبد الله بن عتبة قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لو كان لي مثل) جبل ( أُحُد ذهبًا) نصب على التمييز.
قال في التوضيح: ووقوع التمييز بعد مثل قليل وجواب لو قوله ( ما يسرني) فعل مضارع منفي بما وكان الأصل أن يكون ماضيًا ولعله أوقع المضارع موقع الماضي أو الأصل ما كان يسرني فحذف كان وهو الجواب وفيه ضمير وهو اسمه وقوله يسرني خبره، وسقط لأبي ذر قوله ما من قوله ما يسرني ( أن لا يمر عليّ) بتشديد الياء ( ثلاث) من الليالي ( وعندي منه) أي من الذهب ( شيء) مبتدأ خبره عندي مقدمًا والواو في قوله وعندي للحال ولا في أن لا يمر على رواية إثبات ما يسرني زائدة ( إلا شيء) بالرفع بدل من شيء الأول ( أرصده لدين) بضم الهمزة وفتحها وكسر الصاد كما سبق وهما في اليونينية ( رواه) أي الحديث ( صالح) هو ابن كيسان ( وعقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب مما هو في الزهريات للذهلي.

وحديث الباب أخرجه أيضًا في الرقاق.