فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يكره من ثناء السلطان، وإذا خرج قال غير ذلك

باب مَا يُكْرَهُ مِنْ ثَنَاءِ السُّلْطَانِ وَإِذَا خَرَجَ قَالَ: غَيْرَ ذَلِكَ
( باب ما يكره من ثناء) أحد من الناس على ( السلطان) بحضرته ( وإذا خرج) ذلك المثني من عنده ( قال غير ذلك) من الهجو والمساوئ.


[ قــ :6794 ... غــ : 7178 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ أُنَاسٌ لاِبْنِ عُمَرَ: إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا فَنَقُولُ لَهُمْ خِلاَفَ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّهَا نِفَاقًا.

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه) محمد بن زيد أنه قال ( قال الناس) منهم عروة بن الزبير كما في جزء أبي مسعود بن الفرات وأبو إسحاق الشيباني وأبو الشعثاء كما عند الطبراني في الأوسط ( لابن عمر: إنا ندخل على سلطاننا) بالإفراد هو الحجاج بن يوسف كما في الغيلانيات وللطيالسي عن عاصم على سلاطيننا بالجمع ( فنقول لهم) من الثناء عليهم ( خلاف ما) ولأبي ذر بخلاف ما ( نتكلم) به فيهم من الذم ( إذا خرجنا من عندهم) وعند ابن أبي شيبة من طريق أبي الشعثاء قال: دخل قوم على ابن عمر فوقعوا في يزيد بن معاوية فقال: أتقولون هذا في وجوههم؟ قالوا: بل نمدحهم ونثني عليهم، وفي رواية عروة بن الزبير عند الحارث بن أبي أسامة والبيهقي قال: أتيت
ابن عمر فقلت: إنّا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء فيتكلمون بشيء نعلم أن الحق غيره فنصدقهم ( قال: كنا نعدها) بضم العين أي الفعلة ولأبي ذر عن الكشميهني نعد هذا أي الفعل ( نفاقًا) على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه إبطان أمر وإظهار آخر ولا يراد به أنه كفر، ولا يعارضه قوله عليه الصلاة والسلام للذي استأذن عليه: بئس أخو العشيرة ثم تلقاه بوجه طلق وترحيب إذ لم يقل له خلاف ما قاله عنه بل أبقاه على القول الأول عند السامع قصدًا للإعلام بحاله ثم تفضل عليه بحسن اللقاء للاستئلاف.




[ قــ :6795 ... غــ : 7179 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنْ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن يزيد بن أبي حبيب) بفتح الحاء المهملة المصري من صغار التابعين ( عن عراك) بكسر العين المهملة وتخفيف الراء ابن مالك الغفاري المدني ( عن أبي هريرة) رضي الله ( أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء) القوم ( بوجه وهؤلاء) القوم ( بوجه) وفي الترمذي من طريق أبي معاوية: إن من شر الناس، ولمسلم من رواية ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: تجدون من شر الناس ذا الوجهين فرواية إن شر الناس محمولة على التي فيها من شر الناس ووصفه بكونه شر الناس أو من شر الناس مبالغة في ذلك.
قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل وبالكذب مدخل للفساد بين الناس، وقال النووي هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه نفاق محض وخداع وتحيل على الاطّلاع على أسرار الطائفتين وهي مداهنة محرمة قال: فأما من يقصد بذلك الإصلاح بين الطائفتين فهو محمود اهـ.

وقوله: ذو الوجهين ليس المراد به الحقيقة بل هو مجاز عن الجهتين مثل المدحة والمذمة.
قال تعالى: { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذ خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنما نحن مستهزئون} [البقرة: 14] أي إذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنين أظهروا لهم الإيمان والموالاة والمصافاة غرورًا منهم للمؤمنين ونفاقًا وتقية وإذا انصرفوا إلى شياطينهم سادتهم وكبرائهم ورؤسائهم من أحبار اليهود ورؤوس المشركين والمنافقين { قالوا إنّا معكم إنما نحن مستهزئون} ساخرون بالقوم.

والحديث أخرجه مسلم.