فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى

باب شُهُودِ الْحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى
( باب شهود الحائض) أي حضورها يوم ( العيدين ودعوة المسلمين) كالاستسقاء ( ويعتزلن) أي حال كونهن يعتزلن، ولابن عساكر واعتزالهن ( المصلى) تنزيهًا وصيانة واحترازًا عن مخالطة الرجال من غير حاجة ولا صلاة، وإنما يحرم لأنه ليس مسجدًا وجمع الضمير مع رجوعه لمفرد لإرادة الجنس كما في سامرًا تهرجون.


[ قــ :322 ... غــ : 324 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا -وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثِنْتَىْ عَشَرَةَ، وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ- قَالَتْ: كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى، وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ؟ قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ».
فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا: أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَتْ: بِأَبِي نَعَمْ -وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إِلاَّ قَالَتْ "بِأَبِي"- سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «تَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ -أَوِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ- وَالْحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى».
قَالَتْ حَفْصَةُ: فَقُلْتُ "الْحُيَّضُ"؟ فَقَالَتْ: أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا؟.
[الحديث 324 - أطرافه في: 351، 971، 974، 980، 981، 1652] .

وبالسند قال: ( حدّثنا محمد) ولأبي ذر كما في الفتح وابن عساكر كما في الفرع محمد بن سلام، ولكريمة هو ابن سلام وهو بتخفيف اللام البيكندي ( قال: أخبرنا) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي عن الكشميهني حدّثنا ( عبد الوهاب) الثقفي ( عن أيوب) السختياني ( عن حفصة) بنت سيرين الأنصارية البصرية أخت محمد بن سيرين أنها ( قالت) :
( كنا نمنع عواتقنا) جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربته واستحقت التزويج فعتقت عن قهر أبويها أو الكريمة على أهلها أو التي عتقت من الصبا والاستعانة بها في مهنة أهلها ( يخرجن) إلى المصلى ( في العيدين فقدمت امرأة) لم تسم ( فنزلت قصر بني خلف) كان بالبصرة منسوب إلى خلف جدّ طلحة بن عبد الله بن خلف وهو طلحة الطلحات ( فحدثت عن أختها) قيل هي أم عطية وقيل غيرها، ( وكان زوج أختها) لم يسم أيضًا ( غزا مع النبي) وللأصيلي مع رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثنتي عشرة) زاد الأصيلي غزوة، قالت المرأة: ( وكانت أُختي معه) أي مع زوجها أو مع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( في ست) أي ست غزوات، وفي الطبراني أنها غزت معه سبعًا ( قالت) أي الأخت لا المرأة ( كنا) بلفظ الجمع لبيان فائدة حضور النساء الغزوات على سبيل العموم ( نداوي الكلمى) بفتح الكاف وسكون اللام وفتح الميم أي الجرحى ( ونقوم على المرضى فسألت أختي النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعلى إحدانا بأس) أي حرج وإثم
( إذا) وللأصيلي إن ( لم يكن لها جلباب) بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف أي خمار واسع كالملحفة تغطي به المرأة رأسها وظهرها أو القميص ( أن لا تخرج) أي لئلا تخرج وأن مصدرية أي لعدم خروجها إلى المصلى للعيد.
( قال) عليه الصلاة والسلام: ( لتلبسها) بالجزم وفاعله ( صاحبتها) وفي رواية: فتلبسها بالرفع وبالفاء بدل اللام ( من جلبابها) أي لتعرها من ثيابها ما لا تحتاج المعيرة إليه، أو تشركها في لبس الثوب الذي عليها وهو مبني على أن الثوب يكون واسعًا وفيه نظر، أو هو على سبيل المبالغة أي يخرجن، ولو كانت اثنتان في ثوب واحد.
( ولتشهد الخير) أي ولتحضر مجالس الخير كسماع الحديث والعلم وعيادة المريض ونحو ذلك.
( ودعوة المسلمين) كالاجتماع لصلاة الاستسقاء، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: ودعوة المؤمنين.
قالت حفصة: ( فلما قدمت أم عطية) نسيبة بنت الحرث أو بنت كعب ( سألتها أسمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يقول المذكور؟ ( قالت: بأبي) بهمزة وموحدة مكسورة ثم مثناة تحتية ساكنة، ولأبي ذر عن الكشميهني بيبي بقلب الهمزة ياء، ونسبها الحافظ ابن حجر لرواية عبدوس، وللأصيلي بأبا بفتح الموحدة وإبدال ياء المتكلم ألفًا، وفيها رابعة بيبا بقلب الهمزة ياء وفتح الموحدة أي فديته أو هو مفدي بأبي، وحذف المتعلق تخفيفًا لكثرة الاستعمال، وفي الطبراني بأبي هو وأمي ( نعم) سمعته ( وكانت لا تذكره) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إلا قالت بأبي) أي أفديه أو مفدي بأبي ( سمعته) حال كونه ( يقول تخرج) أي لتخرج ( العوائق) فهو خبر متضمن للأمر لأن أخبار الشارع عن الحكم الشرعي متضمن للطلب لكنه هنا للندب لدليل آخر، ( وذوات الخدور) بواوي العطف والجمع، ولأبي ذر ذوات بغير واو العطف وإثبات واو الجمع صفة للعوائق، ولأبي ذر عن الكشميهني والأصيلي ذات الخدور بغير عطف مع الإفراد والخدور بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدور وهو السّتر في جانب البيت أو البيت نفسه، ( والعواتق ذوات الخدور) على الشك ولأبي ذر عن الكشميهني والأصيلي ذات الخدر بغير واو فيهما.
( والحيض) بضم الحاء وتشديد الياء جمع حائض وهو معطوف على العواتق ( وليشهدن) ولابن عساكر يشهدن ( الخير) عطف على تخرج المتضمن للأمر كما سبق أي: لتخرج العواتق ويشهدن الخير، ( ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلى) أي فيكن فيمن يدعو ويؤمن رجاء بركة المشهد الكريم، ويعتزل بضم اللام خبر بمعنى الأمر كما في السابق، وخص أصحابنا من هذا العموم غير ذات الهيئات والمستحسنات، أما هن فيمنعن لأن المفسدة إذ ذاك كانت مأمونة بخلافها الآن، وقد قالت عائشة في الصحيح لو رأى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء
بني إسرائيل، وبه قال مالك وأبو يوسف.

( قالت حفصة فقلت) لأم عطية ( الحيض) بهمزة ممدودة على الاستفهام التعجبي من اخبارها بشهود الحيض ( فقالت) أم عطية ( أليس) الحائض ( تشهد) وأسم ليس ضمير الشأن وللكشميهني أليست بتاء التأنيث وللأصيلي أليس يشهدن بنون الجمع أي الحيض ( عرفة) أي يومها ( وكذا وكذا) أي نحو المزدلفة ومنى وصلاة الاستسقاء.


ورواة هذا الحديث بين بخاري وبصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول والسؤال
والسماع، وأخرجه المؤلف أيضًا في العيدين والحج، ومسلم في العيدين، وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجة في الصلاة.