فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب نكاح الأبكار

باب نِكَاحِ الأَبْكَارِ.

     وَقَالَ  ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَائِشَةَ: لَمْ يَنْكِحِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكْرًا غَيْرَكِ
( باب نكاح الأبكار.
وقال ابن أبي مليكة)
عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة واسمه زهير الأحول المكي فيما وصله المؤلّف في تفسير سورة النور ( قال ابن عباس لعائشة) -رضي الله عنهم-: ( لم ينكح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكرًا غيرك) والبكر هي التي لم توطأ.


[ قــ :4805 ... غــ : 5077 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ:.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: «فِي الَّتي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا».
تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا.

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) هو ابن أبي أويس القرشي التيمي ابن أخت الإمام مالك بن أنس وصهره على ابنته ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أخي) عبد الحميد أبو بكر الأعشى ( عن سليمان) بن بلال ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني ( لو نزلت واديًا وفيه شجرة قد أكل منها) بضم الهمزة وكسر الكاف ( ووجدت شجرة لم يؤكل منها) بالإفراد في شجرة في الموضعين.

وقال في الفتح: وفي رواية أبي ذر وفيه شجرة قد أكل منها ووجدت شجرًا يعني بالإفراد في الأولى والجمع في الثانية.
قلت: وهو الذي في اليونينية من غير عزو لرواية.
وذكره الحميدي بلفظ فيه شجر قد أكل منها، وكذا في مستخرج أبي نعيم بلفظ الجمع وهو أصوب لقولها ( في أيها) أي في أي الشجر ( كنت ترتع بعيرك) بضم أوّله وكسر ثالثه ولو أرادت الموضعين لقالت في أيّهما ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
ارتع ( في) الشجر ( التي لم يرتع منها) بضم التحتية وفتح الفوقية والراء بينهما ساكنة وزاد أبو نعيم فأنا هيه بكسر الهاء وفتح التحتية وسكون الهاء وهي للسكت ( يعني) بالتحتية في الفرع وبالفوقية في غيره وهو الذي في اليونينية أي تعني عائشة ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يتزوّج بكرًا غيرها)
وهذا فيه غاية بلاغة عائشة وحسن تأنيها في الأمور كما قاله في الفتح، وما أحسن قول الحريري في تفضيل البكر حيث قال: أما البكر فالدرة المخزونة، والبيضة المكنونة، والثمرة الباكورة، والسلافة المدخورة، والروضة الأنف، والطوق الذي ثمن وشرف لم يدنسها لامس، ولا استغشاها لابس ولا مارسها عابث، ولا واكسها طامث، لها الوجه الحييّ والطرف الخفي، والغزالة المغازلة، والملحة الكاملة، والوشاح الطاهر القشيب، والضجيع الذي يشب ولا يشيب.




[ قــ :4806 ... غــ : 5078 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ.
فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ».

وبه قال: ( حدّثنا عبيد بن إسماعيل) القرشي الهباري من ولد هبار بن الأسود الكوفي وكان اسمه عبد الله وعبيد لقب غلب عليه وعرف به، قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أريتك) بضم الهمزة وكسر الراء والكاف ( في المنام مرتين إذا رجل) ملك في صورة رجل وفي الترمذي أنه جبريل ( يحملك) أي صورتك ( في سرقة حرير) بفتح السين والراء المهملتين ثم قاف أي قطعة حرير ( فيقول: هذه امراتك) زاد ابن حبان في الدنيا والآخرة ( فأكشفها) أي السرقة ( فإذا هي) أي الصورة التي في السرقة ( أنت فأقول: إن يكن هذا) الذي رأيته ( من عند الله يمضه) بضم أوله من الإمضاء.

فإن قلت: رؤيا الأنبياء وحي فما معنى قوله إن يكن؟ أجيب: باحتمال أن تكون هذه الرؤيا قبل النبوة وبعدها فعلى الأول لا إشكال، وعلى الثاني فلها ثلاثة أوجه أن تكون على ظاهرها فلا تحتاج إلى تعبير فسيمضيها الله تعالى وينجزها أو تحتاج إلى تعبير وتفسير وصرف عن ظاهرها كأن يخرج على مثالها كأختها أو قريبتها أو سميتها فالشك عائد إلى أنها على ظاهرها أو تحتاج إلى تعبير أو المراد إن كانت هذه الزوجية في الدنيا أو في الآخرة أو لم يشك، ولكن أخبر على التحقيق وأتى بصورة الشك وهذا نوع من أنواع البلاغة يسمى مزج الشك باليقين قاله القاضي عياض.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التعبير ومسلم في الفضائل، ونقل في المصابيح عن ابن المنير أن من خصائص عائشة -رضي الله عنها- أنها ولدت مسلمة بإسلام أبيها قبل ولادتها قال: وهذا لازم لأهل السير والتواريخ فيما ينقلونه ولم أر أحدًا انتزعه قبل ذلك والله أعلم.