فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: في كم يقرأ القرآن

باب فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ؟
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}
هذا ( باب) بالتنوين ( في كم) مدة ( يقرأ) القارئ ( القرآن) كله فيها وفي اليونينية يقرأ بضم أوّله مبنيًّا للمفعول القرآن رفع نائب عن الفاعل ( وقول الله تعالى: { فاقرؤوا ما تيسر} ) عليكم ( { منه} ) [المزمل: 20] من القرآن استدلّ به على عدم التحديد في القراءة خلافًا لما نقل عن إسحاق بن راهويه وغيره إن أقل ما يجزي من القراءة كل يوم وليلة جزء من أربعين جزءًا من
القرآن.
وفيه حديث أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمرو بلفظ: في كم تقرأ القرآن؟ قال: في أربعين يومًا.
ثم قال: في شهر ولا دلالة فيه لذلك على ما لا يخفى.


[ قــ :4782 ... غــ : 5051 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: لِي ابْنُ شُبْرُمَةَ: نَظَرْتُ كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَلَمْ أَجِدْ سُورَةً أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ، فَقُلْتُ لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ، قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ عَلْقَمَةُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ وَلَقِيتُهُ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أَنَّ مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ».

وبه قال: ( حدّثنا علي) هو ابن عبد الله المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال لي ابن شبرمة) بضم الشين المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة عبد الله قاضي الكوفة ( نظرت كم يكفي الرجل من القرآن) قال في الفتح: أي في الصلاة أو في اليوم والليلة من قراءة القرآن مطلقًا ( فلم أجد سورة أقل من ثلاث آيات) وهي سورة الكوثر ( فقلت: لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات) .

( قال علي) المديني وهو موصول من تتمة الحديث المذكور ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ولغير أبي ذر قال سفيان وحذف علي قال: ( أخبرنا منصور) هو ابن المعتمر ( عن إبراهيم) النخعي ( عن عبد الرحمن بن يزيد) النخعي أنه ( أخبره) عمه ( علقمة) بن قيس ( عن أبي مسعود) عقبة بن عامر البدري ( ولقيته وهو يطوف بالبيت) الحرام ( فذكر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن) ولأبي ذر فذكر قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه: ( من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة) وهما: { آمن الرسول} [البقرة: 285] إلى آخرها ( في ليلة كفتاه) أي عن قيام الليل أو من آفات تلك الليلة أو من الشيطان.

وهذا الحديث قد مرّ في باب فضل سورة البقرة.




[ قــ :4783 ... غــ : 505 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ، فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا، فَتَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ، لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُذْ أَتَيْنَاهُ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: الْقَنِي بِهِ فَلَقِيتُهُ بَعْدُ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَصُومُ»؟ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ: «وَكَيْفَ تَخْتِمُ»؟ قَالَ: كُلَّ لَيْلَةً.
قَالَ: «صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةً، وَاقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ».
قَالَ: قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الْجُمُعَةِ».
قَالَ:.

قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: «أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا».
قَالَ:.

قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: «صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمِ دَاوُدَ، صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ، وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً».
فَلَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَذَاكَ أَنِّي كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ السُّبْعَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالنَّهَارِ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ لِيَكُونَ أَخَفَّ
عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا وَأَحْصَى وَصَامَ مِثْلَهُنَّ، كَرَاهِيةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا فَارَقَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ فِي ثَلاَثٍ وَفِي خَمْسٍ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ.

وبه قال: ( حدّثنا موسى) بن إسماعيل المنقري قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري ( عن مغيرة) بن مقسم بكسر الميم الكوفي ( عن مجاهد) هو ابن جبر ( عن عبد الله بن عمرو) بفتح العين وسكون الميم أنه ( قال: أنكحني أبي) عمرو بن العاص ( امرأة) هي أم محمد بنت محمية بن جزء الزبيدي كما عند ابن سعد ( ذات حسب) شرف بالآباء، وعند أحمد أنها من قريش ولعله كان المشير عليه بتزويجها وإلاّ فقد كان عبد الله رجلًا كاملًا أو قام عنه بالصداق ( فكان) عمرو ( يتعاهد كنته) بفتح الكاف والنون المشددة زوجة ابنه ( فيسألها عن) شأن ابنه ( بعلها فتقول) في الجواب ( نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشًا) أي لم يضاجعنا حتى يطأ لنا فراشًا ( ولم يفتش) بفاء مفتوحة ففوقية مكسورة مشددة ولأبي ذر عن الكشميهني ولم يغش بالغين المعجمة الساكنة بعد فتح ( لنا كنفًا) بفتح الكاف والنون بعدها فاء أي ساترًا ( مذ) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي منذ ( أتيناه) وكنت بذلك عن تركه لجماعها إذ عادة الرجل إدخال يده في داخل ثوب زوجته أو الكنف الكنيف أي أنه لم يطعم عندها حتى يحتاج إلى موضع قضاء الحاجة ففيه وصفها له بقيام الليل وصوم النهار مع الإشارة إلى عدم مضاجعتها وعدم أكله عندها، زاد في رواية هشيم عن مغيرة وحصين عن مجاهد في هذا الحديث عند أحمد فأقبل عليّ يلومني فقال: أنكحتك امرأة من قريش فعضلتها ( فلما طال ذلك عليه) أي على عمرو وخاف أن يلحق ابنه إثم بتضييع حق الزوجة ( ذكر) ذلك ( للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعمرو:
( القني) بفتح القاف وكسرها ( به) أي بابنك عبد الله قال عبد الله: ( فلقيته) بكسر القاف عليه الصلاة والسلام ( بعد) بالبناء على الضم أي بعد ذلك ( فقال) : ولأبي الوقت قال: ( كيف تصوم؟ قال) أي عبد الله ولأبي ذر قلت: أصوم ( كل يوم قال) عليه الصلاة والسلام: ( وكيف تختم) القرآن؟ ( قال) ولأبي ذر قلت: أختم ( كل ليلة قال) عليه الصلاة والسلام: ( صم في كل شهر ثلاثة) من الأيام ( واقرأ القرآن في كل شهر) ختمة ( قال) عبد الله ( قلت) : يا رسول الله ( أطيق أكثر من ذلك قال) عليه الصلاة والسلام: ( صم ثلاثة أيام في الجمعة.
قال)
عبد الله ( قلت) : يا رسول الله ( أطيق أكثر من ذلك قال: أفطر يومين وصم يومًا، قال: قلت أطيق أكثر من ذلك) استشكله الداودي بأن ثلاثة أيام من الجمعة أكثر من فطر يومين وصيام يوم وهو إنما يريد تدريجه من الصيام القليل إلى الصيام الكثير وأجاب الحافظ ابن حجر باحتمال أن يكون وقع من الراوي فيه تقديم وتأخير ( قال: صم أفضل الصوم صوم داود) نبي الله عليه السلام ( صيام يوم) نصب بتقدير كان أو رفع بتقدير هو ( وإفطار يوم) عطف عليه على الوجهين ( واقرأ) كل القرآن ( في كل سبع ليال مرة) .

قال عبد الله: ( فليتني قبلت رخصة، رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذاك إني كبرت) بكسر الموحدة ( وضعفت) قال مجاهد: ( فكان) عبد الله ( يقرأ على بعض أهله) أي من تيسر منهم ( السبع من القرآن
بالنهار)
بضم السين وسكون الموحدة ( والذي يقرؤه) يريد أن يقرأه بالليل ( يعرضه من النهار ليكون أخف عليه بالليل وإذا أراد أن يتقوّى) على الصيام ( أفطر أيامًا وأحصى) عدد أيام الإفطار ( وصام) أيامًا ( مثلهن كراهية أن يترك شيئًا فارق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بنصب كراهية على التعليل أي لأجل كراهة أن يترك شيئًا وأن مصدرية.

( قال أبو عبد الله) أي البخاري وسقط ذلك لأبوي الوقت وذر وابن عساكر ( وقال بعضهم) أي بعض الرواة اقرأه ( في) كل ( ثلاث) من الليالي ( وفي خمس) من الليالي، ولأبي ذر: أو في خمس بزيادة ألف ولأبي الوقت أو في سبع ولعل المؤلّف أشار بالبعض إلى ما رواه شعبة عن مغيرة بهذا الإسناد بلفظ فقال: اقرأ القرآن في كل شهر.
قال: إني أطيق أكثر من ذلك.
قال: فما زال حتى قال في ثلاث.
قال في الفتح: والخمس تؤخذ منه بطريق التضمن.

وفي مسند الدارمي من طريق أبي فروة عروة بن الحارث الجهني عن عبد الله بن عمرو قال: قلت يا رسول الله في كم أختم القرآن؟ قال: اختمه في شهر.
قلت: إني أطيق.
قال: اختمه في خمس وعشرين.
قلت: إني أطيق.
قال: اختمه في عشرين.
قلت: إني أطيق.
قال: اختمه في خمس عشرة.
قلت: إني أطيق.
قال: اختمه في خمس.
قلت: إني أطيق.
قال: لا.

وفي رواية هشيم المذكورة قال: "فاقرأه في كل شهر.
قلت: إني أجدني أقوى من ذلك.
قال: فاقرأه في كل عشرة أيام.
قلت: إني أجدني أقوى من ذلك.
قال أحدهما إما حصين وإما مغيرة قال: فاقرأه في كل ثلاث، ولأبي داود والترمذي مصححًا من طريق يزيد بن عبد الله بن الشخير عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث".
وعند سعيد بن منصور بإسناد صحيح من وجه آخر عن ابن مسعود اقرؤوا القرآن في سبع ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث.

( وأكثرهم) أي أكثر الرواة ( على سبع) ولعله أشار بالأكثر إلى ما رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو الآتي إن شاء الله تعالى في الباب.
قال: فاقرأه في سبع ولا تزد وسقط لغير الكشميهني وأكثرهم على سبع.




[ قــ :4783 ... غــ : 5053 ]
- حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «فِي كَمْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ»؟
وبه قال: ( حدّثنا سعد بن حفص) بسكون العين الطلحي الكوفي الضخم قال: ( حدّثنا شيبان) أبو معاوية النحوي ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن محمد بن عبد الرحمن) مولى بني زهرة ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن عبد الله بن عمرو) -رضي الله عنهما- أنه قال: ( قال لي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: في كم) يوم ( تقرأ القرآن) ؟



[ قــ :4784 ... غــ : 5054 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: وَأَحْسِبُنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ»، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، حَتَّى قَالَ: «فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( إسحاق) بن منصور الكوسج المروزي قال ( أخبرنا عبيد الله) بضم العين ( ابن موسى) العبسي مولاهم الكوفي شيخ المصنف روي عنه هنا بالواسطة وثبت ابن موسى لأبي الوقت ( عن شيبان) النحوي ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن محمد بن عبد الرحمن مولى بني زهرة) بضم الزاي وسكون الهاء ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( قال) يحيى المذكور: ( واحسبني قال: سمعت أنا) أي وأظن أني أنا سمعته ( من أبي سلمة) بن عبد الرحمن ولعله كان يتوقف في تحديث أبي سلمة له ثم تذكر أنه حدّثه به أو كان يصرح بتحديثه ثم يتوقف وتحقق أنه سمعه بواسطة محمد بن عبد الرحمن المذكور ( عن عبد الله بن عمرو) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( اقرأ القرآن) كله ( في شهر، قلت إني أجد قوة حتى قال: فاقرأه في سبع) أي ما نزل منه إذ ذاك وما سينزل وسقط لفظ حتى لأبوي ذر والوقت ( لا تزد على ذلك) وليس النهي للتحريم كما أن الأمر في جميع ما مرّ في الحديث ليس للوجوب خلافًا لبعض الظاهرية حيث قال بحرمة قراءته في أقل من ثلاث، وأكثر العلماء كما قاله النووي على عدم التقدير في ذلك وإنما هو بحسب النشاط والقوّة فمن كان يظهر له بدقيق الفكر للطائف والمعارف، فليقتصر على قدر يحصل له معه كمال فهم ما يقرؤه ومن اشتغل بشيء من مهمات المسلمين كنشر العلم وفصل الخصومات، فليقتصر على قدر لا يمنعه من ذلك ولا يخل بما هو مترصد له ومن لم يكن من هؤلاء فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حدّ الملال أو الهذرمة، وقد كان بعضهم يختم في اليوم والليلة، وبعضهم ثلاثًا.
وكان ابن الكاتب الصوفي يختم أربعًا بالنهار وأربعًا بالليل انتهى.

وقد رأيت بالقدس الشريف في سنة سبع وستين وثمانمائة رجلًا يكنى بأبي الطاهر من أصحاب الشيخ شهاب الذين بن رسلان ذكر لي أنه كان يقرأ في اليوم والليلة خمس عشرة ختمة.

وثبتني في ذلك في هذا الزمن شيخ الإسلام البرهان ابن أبي شريف المقدسي نفع الله بعلومه، وأما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يحصون كثرة منهم: عثمان وتميم الداري وسعيد بن جبير، وأخبرني غير واحد من الثقات عن صاحبنا الفقيه رضي البكري أنه كان أيضًا يقرؤه في ركعة واحدة والله تعالى يهب ما يشاء لمن يشاء.