فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الخضر في المنام، والروضة الخضراء

باب الْخُضَرِ فِى الْمَنَامِ، وَالرَّوْضَةِ الْخَضْرَاءِ
( باب) رؤية ( الخضر في المنام) بضم الخاء وفتح الضاد المعجمتين وفي فتح الباري بضم الخاء وسكون الضاد جمع أخضر قال: وهو اللون المعروف في الثياب وغيرها.
قال: ووقع في رواية النسفيّ الخضرة بسكون الضاد وبعد الراء هاء تأنيث وكذا في رواية أبي أحمد الجرجاني ( و) رؤية ( الروضة الخضراء) في المنام أيضًا.


[ قــ :6643 ... غــ : 7010 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ، حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ: كُنْتُ فِى حَلْقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ قَالُوا: كَذَا وَكَذَا قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كَانَ يَنْبَغِى لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فَنُصِبَ فِيهَا وَفِى رَأْسِهَا عُرْوَةٌ وَفِى أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ وَالْمِنْصَفُ الْوَصِيفُ فَقِيلَ: ارْقَهْ فَرَقِيتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَمُوتُ عَبْدُ اللَّهِ وَهْوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد الجعفي) بضم الجيم وسكون العين المهملة وكسر الفاء المعروف بالمسندي قال: ( حدّثنا حرمي بن عمارة) بفتح الحاء والراء المهملتين وكسر الميم وعمارة بضم العين وتخفيف الميم قال: ( حدّثنا قرة بن خالد) السدوسي ( عن محمد بن سيرين) أنه ( قال: قال قيس بن عباد) بضم العين وتخفيف الموحدة آخره دال مهملة البصري التابعي الكبير وليس بصحابي ( كنت في حلقة) بسكون اللام ( فيها سعد بن مالك) هو سعد بن أبي وقاص ( وابن عمر) عبد الله -رضي الله عنهم- ( فمرّ عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام الإسرائيلي ( فقالوا) في ابن سلام ( هذا رجل من أهل الجنة) لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الآتي إن شاء الله تعالى آخر الحديث يموت عبد الله وهو آخذ بالعروة الوثقى قال قيس ( فقلت له) لعبد الله بن سلام ( إنهم قالوا: كذا وكذا.
قال)
ابن سلام متعجبًا من قولهم ( سبحان الله ما كان ينبغي لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم) وفي رواية خرشة عند مسلم فقال الله أعلم بأهل الجنة وأنكر عليهم الجزم ولم ينكر أصل الأخبار عليه بأنه من أهل الجنة وهذا شأن المراقبين الخائفين المتواضعين ( إنما رأيت) في المنام ( كأنما عمود وضع في) وسط ( روضة خضراء) وسبق في المناقب رأيت كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها ( فنصب) بضم النون وكسر الصاد المهملة بعدها موحدة العمود ( فيها) في الروضة وفي رواية ابن عون العمود كان في وسط الروضة وفي رواية المستملي والكشميهني قبضت بقاف وموحدة مفتوحتين فضاد ساكنة فتاء متكلم ( وفي رأسها) أي رأس العمود ( عروة)
بضم العين وسكون الراء المهملتين والعمود مذكر أنثه باعتبار الدعامة وفي رواية ابن عون وفي أعلى العمود عروة وفي روايته في المناقب ووسطها عمود من حديث أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة ( وفي أسفلها منصف) بكسر الميم وسكون النون وفتح الصاد المهملة قال ابن سيرين ( والمنصف الوصيف) في مسلم فجاءني منصف.
قال ابن عون: والمنصف الخادم.
قال ابن سلام ( فقيل) لي ( ارقه فرقيت) في العمود بكسر القاف على الأفصح ولأبي ذر فرقيته بزيادة ضمير المفعول ( حتى أخذت بالعروة) وفي رواية خرشة عند مسلم فقال لي أصعد فوق هذا قال قلت: كيف أصعد فأخذ بيدي فزجل بي وهو بزاي وجيم أي دفعني فإذا أنا متعلق بالحلقة ثم ضربت العمود فخرّ وبقيت متعلقًا بالحلقة حتى أصبحت ( فقصصتها) أي الرؤيا ( على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يموت عبد الله) أي ابن سلام ( وهو آخذ بالعروة الوثقى) تأنيث الأوثق الأشدّ الوثيق من الحبل الوثيق المحكم وهو تمثيل للمعلوم بالنظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس حتى يتصوّره السامع كأنه ينظر إليه بعينه فيحكم اعتقاده والمعنى فقد عقد لنفسه من الدين عقدًا وثيقًا لا تحله شبهة وزاد في رواية ابن عون فقال تلك الروضة روضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام وتلك العروة العروة الوثقى لا تزال متمسكًا بالإسلام حتى تموت، وعند مسلم من حديث خرشة بن الحرّ قال: قدمت المدينة فجلست إلى أشيخة في مسجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فجاء شيخ يتوكأ على عصا له فقال القوم من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا فقام خلف سارية فصلّى ركعتين فقمت إليه فقلت له قال بعض القوم كذا وكذا فقال: الجنة لله يدخلها من يشاء وإني رأيت على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رؤيا رأيت كأن رجلاً أتاني فقال: انطلق فذهبت معه فسلك بي منهجًا عظيمًا فعرضت لي طريق عن يساري فأردت أن أسلكها فقال: إنك لست من أهلها ثم عرضت لي طريق عن يميني فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل زلق فأخذ بيدي فزجل بي فإذا أنا على ذروته فلم أتقارّ ولم أتماسك، فإذا عمود حديد في ذروته حلقة من ذهب فأخذ بيدي فزجل بي حتى أخذت بالعروة فقال: استمسك.
فقلت: نعم فضرب العمود برجله فاستمسكت بالعروة، فقصصتها على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "رأيت خيرًا أما المنهج العظيم فالمحشر، وأما الطريق التي عرضت عن يسارك فطريق أهل النار ولست من أهلها، وأما الطريق التي عرضت عن يمينك فطريق أهل الجنة، وأما الجبل الزلق، فمنزل الشهداء، وأما العروة التي استمسكت بها فعروة الإسلام فاستمسك بها حتى تموت".
قال: فأنا أرجو أن أكون من أهل الجنة.
قال: فإذا هو عبد الله بن سلام وهكذا رواه النسائي وابن ماجة ومسلم في صحيحه.